التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١١٥
الإثبات إلا مع التعريف فكأنه قال ابتغوا الرزق كله عند الله * (وإن يكذبوك) * الآية يحتمل أن تكون من كلام إبراهيم أو من كلام الله تعالى ويحتمل مع ذلك أن يراد به وعيد الكفار وتهديدهم أو يراد به تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عن تكذيب قومه له بالتأسي بغيره من الأنبياء الذين كذبهم قومهم " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق " يقال بدأ الله الخلق وأبدأه بمعنى واحد وقد جاءت اللغتان في هذه السورة والمعنى أولم ير الكفار أن الله خلق الخلق فيستدلون بالخلقة الأولى على الإعادة في الحشر فقوله ثم يعيده ليس بمعطوف على يبدأ لأن المعنى فيهما مختلف لأن رؤية البداءة بالمشاهدة بخلاف الإعادة فإنها تعلم بالنظر والاستدلال وإنما هو معطوف على الجملة كلها وقد قيل إنه يريد إعادة النبات وإبدائه وعلى هذا يكون ثم يعيده عطفا على يبدىء لاتفاق المعنى والأول أحسن وأليق بمقاصد الكلام * (ان ذلك على الله يسير) * يعني إعادة الخلق وهي حشرهم ثم أمرهم بالسير في الأرض ليروا مخلوقات الله فيستدلوا بها على قدرته على حشرهم ولذلك ختمها بقوله إن الله على كل شيء قدير " وإليه تقلبون " أي ترجعون * (وما أنتم بمعجزين) * أي لا تفوتون من عذاب الله وليس لكم مهرب في الأرض ولا في السماء " أولئك يئسوا من رحمتي " يحتمل أن يكون يأسهم في الآخرة أو يكون وصف لحالهم في الدنيا لأن الكافر يائس من رحمة الله والمؤمن راج خائف وهذا الكلام من قوله أولم يروا إلى هنا يحتمل أن يكون خطابا لمحمد صلى الله عليه وسلم معترضا بين قصة إبراهيم ويحتمل أن يكون خطابا لإبراهيم وبعد ذلك ذكر جواب قومه له " مودة بينكم " نصب مودة على أنها مفعول من أجله أو مفعول ثان لاتخذتم ورفعها على أنها خبر ابتداء مضمر أو خبر إن وتكون ما موصولة ونصب بينكم على الظرفية وخفضه بالإضافة " فآمن له لوط " تضمن آمن معنى انقاد ولذلك تعدى باللام " وقال إني مهاجر إلى ربي " القائل لذلك إبراهيم وقيل لوط وهاجرا من بلادهما بأرض بابل إلى الشام " وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب " أكثر الأنبياء من ذرية إبراهيم
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»