التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١١٨
إليكم فإن كان باطلا لم تصدقوهم وإن كان حقا لم تكذبوهم * (وكذلك أنزلنا إليك الكتاب) * أي كما أنزلنا الكتاب على من قبلك أنزلناه عليك * (فالذين آتيناهم الكتاب) * يعني عبد الله بن سلام وأمثاله ممن أسلم من اليهود والنصارى * (ومن هؤلاء من يؤمن به) * أراد بالذين أوتوا الكتاب أهل التوراة والإنجيل وأراد بقوله من هؤلاء من يؤمن به كفار قريش وقيل أراد بالذين أوتوا الكتاب المتقدمين من أهل التوراة والإنجيل وأراد بهؤلاء المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم منهم كعبد الله بن سلام " وما كنت تتلوا من قبله من كتاب " هذا احتجاج على أن القرآن من عند الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ ولا يكتب ثم جاء بالقرآن فإن قيل ما فائدة قوله بيمينك فالجواب أن ذلك تأكيد للكلام وتصوير للمعنى المراد * (إذا لارتاب المبطلون) * أي لو كنت تقرأ أو تكتب لتطرق الشك إلى الكفار فكانوا يقولون لعله تعلم هذا الكتاب أو قرأه وقيل وجه الاحتجاج أن أهل الكتاب كانوا يجدون في كتبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب فلما جعله الله كذلك قامت عليهم الحجة ولو كان يقرأ أو يكتب لكان مخالفا للصفة التي وصفه الله بها عندهم والمذهب الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقرأ قط ولا كتب وقال الباجي وغيره أنه كتب لظاهر حديث الحديبية وهذا القول ضعيف * (بل هو آيات) * الضمير للقرآن والإضراب ببل عن كلام محذوف تقديره ليس الأمر كما حسب الظالمون والمبطلون " أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب " المعنى كيف يطلبون آية والقرآن أعظم الآيات وأوضحها دلالة على صحة النبوة فهلا اكتفوا به عن طلب الآيات " قل كفى بالله " ذكر معناه في الرعد وفي الأنعام * (ويستعجلونك بالعذاب) * الضمير للكفار يعني قولهم ائتنا بما تعدنا وقولهم فأمطر علينا حجارة من السماء وشبه ذلك * (ولولا أجل مسمى) * أي لولا أن الله قدر لعذابهم أجلا مسمى لجاءهم به حين طلبوه * (وليأتينهم بغتة) * يحتمل أن يريد القتل الذي أصابهم يوم بدر أو الجوع الذي أصابهم بتوالي القحط أو يريد عذاب الآخرة وهذا أظهر لقوله وإن جهنم لمحيطة بالكافرين * (يوم يغشاهم العذاب) * أي يحيط بهم والعامل في الظرف محذوف أو محيطة " إن أرضي
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»