على المعنى الواحد نقص ذكر الآخر وقد أجاز كثير من الناس استعمال اللفظ الواحد في معنيين كقوله * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * ويقوي ذلك هنا لأن المقصود هنا ذكر عموم أخذ أصناف الكفار * (ومنهم من أخذته الصيحة) * يعني ثمود ومدين * (ومنهم من خسفنا به الأرض) * يعني قارون * (ومنهم من أغرقنا) * يعني قوم نوح وفرعون وقومه * (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا) * شبه الله الكافرين في عبادتهم للأصنام بالعنكبوت في بنائها بيتا ضعيفا فكان ما اعتمدت عليه العنكبوت في بيتها ليس بشيء فكذلك ما اعتمدت عليه الكفار من آلهتهم ليس بشيء لأنهم لا ينفعون ولا يضرون * (أوهن البيوت) * أي أضعفها * (لو كانوا يعلمون) * أي لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم " إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء " ما موصولة بمعنى الذي مفعولة للفعل الذي قبلها وقيل هي نافية والفعل معلق عنها والمعنى على هذا لستم تدعون من دون الله شيئا له بال فلا يصلح أن يسمى شيئا * (بالحق) * أي بالواجب لا على وجه العبث واللعب * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * إذا كان المصلي خاشعا في صلاته متذكرا لعظمة من وقف بين يديه حمله ذلك على التوبة من الفحشاء والمنكر فكأن الصلاة ناهية عن ذلك * (ولذكر الله أكبر) * قيل فيه ثلاثة معان الأول أن المعنى أن الصلاة أكبر من غيرها من الطاعات وسماها بذكر الله لأن ذكر الله أعظم ما فيها كأنه أشار بذلك إلى تعليل نهيها عن الفحشاء والمنكر لأن ذكر الله فيها هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر الثاني أن ذكر الله على الدوام أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة لأنها في بعض الأوقات دون بعض الثالث أن ذكر الله أكبر أجرا من الصلاة ومن سائر الطاعات كما ورد في الحديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم قالوا بلى قال ذكر الله * (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) * أي لا تجادلوا كفار أهل الكتاب إذا اختلفتم معهم في الدين إلا بالتي هي أحسن لا بضرب ولا قتال وكان هذا قبل أن يفرض الجهاد ثم نسخ بالسيف ومعنى إلا الذين ظلموا أي ظلموكم وصرحوا بإذاية نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وقيل معنى الآية لا تجادلوا من أسلم من أهل الكتاب فيما حدثوكم به من الأخبار إلا بالتي هي أحسن ومعنى إلا الذين ظلموا على هذا من بقي منهم على كفره والمعنى الأول أظهر * (وقولوا آمنا) * هذا وما بعده يقتضي مواعدة ومسالمة وهي منسوخة بالسيف ويقتضي أيضا الإعراض عن مكالمتهم وفي الحديث لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل
(١١٧)