التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١١٠
والثالث لو أنهم كانوا يهتدون في الآخرة لحيلة يدفعون بها العذاب لفعلوا فلو على هذه الأقوال حرف امتناع وجوابها محذوف والرابع أن يكون لو للتمني أي تمنوا لو كانوا مهتدين * (ماذا أجبتم المرسلين) * أي أهل صدقتم المرسلين أو كذبتموهم * (فعميت عليهم الأنباء يومئذ) * عميت عبارة عن حيرتهم والأنباء الأخبار أي أظلمت عليهم الأمور فلم يعرفوا ما يقولون * (فهم لا يتساءلون) * أي لا يسأل بعضهم بعضا عن الأنباء لأنهم قد تساووا في الحيرة والعجز عن الجواب * (وربك يخلق ما يشاء ويختار) * قيل سببها استغراب قريش لاختصاص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة فالمعنى أن الله يخلق ما يشاء ويختار لرسالته من يشاء من عباده ولفظها أعم من ذلك والأحسن حمله على عمومه أي يختار ما يشاء من الأمور على الإطلاق ويفعل ما يريد * (ما كان لهم الخيرة) * ما نافية والمعنى ما كان للعباد اختيار إنما الاختيار والإرادة لله وحده فالوقف على قوله ويختار وقيل إن ما مفعولة بيختار ومعنى الخيرة على هذا الخير والمصلحة وهذا يجري على قول المعتزلة وذلك ضعيف لرفع الخيرة على أنها اسم كان ولو كانت ما مفعولة لكان اسم كان مضمرا يعود على ما وكانت الخيرة منصوبة على أنها خبر كان وقد اعتذر عن هذا من قال إن ما مفعولة بأن يقال تقدير الكلام يختار ما كان لهم الخيرة فيه ثم حذف الجار والمجرور وهذا ضعيف وقال ابن عطية يتجه أن تكون ما مفعولة إذا قدرنا كان تامة ويوقف على قوله ما كان أي يختار كل كائن ويكون لهم الخيرة جملة مستأنفة وهذا بعيد جدا * (يعلم ما تكن صدورهم) * أي ما تخفيه قلوبهم وعبر عن القلب بالصدر لأنه يحتوي عليه * (له الحمد في الأولى والآخرة) * قيل إن الحمد في الآخرة قولهم الحمد لله الذي صدقنا وعده أو قولهم الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وفي ذكر الأولى مع الآخرة مطابقة * (سرمدا) * أي دائما والمراد بالآيات إثبات الوحدانية وإبطال الشرك فإن قيل كيف قال يأتيكم بضياء وهلا قال يأتيكم بنهار في مقابلة قوله يأتيكم بليل فالجواب أنه ذكر الضياء لجملة ما فيه من المنافع والعبر * (لتسكنوا فيه) * أي في الليل * (ولتبتغوا من فضله) * أي في النهار ففي الآية لف ونشر * (ونزعنا من كل أمة شهيدا) * أي أخرجنا من كل أمة شهيدا منهم يشهد عليهم بأعمالهم
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»