تجلب إليه الأرزاق مع أنه واد غير ذي زرع * (بطرت معيشتها) * معنى بطرت طغت وسفهت ومعيشتها نصب على التفسير مثل التفسير مثل سفه نفسه أو على إسقاط حرف الجر تقديره بطرت في معيشتها أو يتضمن معنى بطرت كفرت * (إلا قليلا) * يعني قليلا من السكنى أو قليلا من الساكنين أي لم يسكنها بعد إهلاكها إلا مارا على الطريق ساعة * (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا) * أم القرى مكة لأنها أول ما خلق الله من الأرض ولأن فيها بيت الله والمعنى أن الله أقام الحجة على أهل القرى بأن بعث سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم في أم القرى فإن كفروا أهلكهم بظلمهم بعد البيان لهم وإقامة الحجة عليهم " وما أوتيتم من شيء " الآية تحقير للدنيا وتزهيد فيها وترغيب في الآخرة * (أفمن وعدناه) * الآية إيضاح لما قبلها من البون بين الدنيا والآخرة والمراد بمن وعدناه المؤمنين وبمن متعناه الكافرين وقيل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم وأبو جهل وقيل حمزة وأبو جهل والعموم أحسن لفظا ومعنى من المحضرين أي من المحضرين في العذاب * (ويوم يناديهم) * العامل في الظرف مضمر وفاعل ينادي الله تعالى ويحتمل أن يكون نداؤه بواسطة أو بغير واسطة والمفعول به المشركون * (أين شركائي) * توبيخ للمشركين ونسبهم إلى نفسه على زعمهم ولذلك قال الذين كنتم تزعمون فحذف المفعول وتقديره تزعمون أنهم شركاء لي أو تزعمون أنهم شفعاء لكم * (قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا) * معنى حق عليهم القول وجب عليهم العذاب والمراد بذلك رؤساء المشركين وكبراؤهم والإشارة بقولهم هؤلاء الذين أغوينا إلى اتباعهم من الضعفاء فإن قيل كيف الجمع بين قولهم أغوينا وبين قولهم تبرأنا إليك فإنهم اعترفوا بإغوائهم وتبرؤا مع ذلك منهم فالجواب أن إغواءهم لهم هو أمرهم لهم بالشرك والمعنى أنا حملناهم على الشرك كما حملنا أنفسنا عليه ولكن لم يكونوا يعبدوننا إنما كانوا يعبدون غيرنا من الأصنام وغيرها فتبرأنا إليك من عبادتهم لنا فتحصل من كلام هؤلاء الرؤساء أنهم اعترفوا أنهم أغووا الضعفاء وتبرؤا من أن يكونوا هم آلهتهم فلا تناقض في الكلام وقد قيل في معنى الآية غير هذا مما هو تكلف بعيد * (لو أنهم كانوا يهتدون) * فيه أربعة أوجه الأول أن المعنى لو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا لم يعبدوا الأصنام والثاني لو أنهم كانوا يهتدون لم يعذبوا
(١٠٩)