التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ٨٨
عمها الإسلام وكانت العراق حينئذ بعيدة * (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا) * أي من المنافقين من يقول بعضهم لبعض أيكم زادته هذه إيمانا على وجه الاستخفاف بالقرآن كأنهم يقولون أي عجب في هذا وأي دليل في هذا * (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) * وذلك لما يتجدد عندهم من البراهين والأدلة عند نزول كل سورة * (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) * المرض عبارة عن الشك والنفاق والمعنى زادتهم رجسا إلى رجسهم أو زادتهم كفرا ونفاقا إلى كفرهم ونفاقهم * (يفتنون في كل عام) * قيل يفتنون أي يختبرون بالأمراض والجوع وقيل بالأمر بالجهاد واختار ابن عطية أن يكون المعنى يفضحون بما يكشف من سرائرهم * (نظر بعضهم إلى بعض) * أي تغامزوا وأشار بعضهم إلى بعض على وجه الاستخفاف بالقرآن ثم قال بعضهم لبعض هل يراكم من أحد كأن سبب خوفهم أن ينقل عنهم ذلك وقيل معنى نظر بعضهم إلى بعض على وجه التعجب مما ينزل في القرآن من كشف أسرارهم ثم قال بعضهم لبعض * (هل يراكم من أحد) * أي هل رأى أحوالكم فنقلها عنكم أو علمت من غير نقل فهذا أيضا على وجه التعجب * (ثم انصرفوا) * يحتمل أن يراد الانصراف بالأبدان أو الانصراف بالقلوب عن الهدى * (صرف الله قلوبهم) * دعاء أو خبر * (بأنهم قوم لا يفقهون) * تعليل لصرف قلوبهم * (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) * يعني النبي صلى الله عليه وسلم والخطاب للعرب أو لقريش خاصة أي من قبيلتكم حيث تعرفون حسبه وصدقه وأمانته أو لبني آدم كلهم أي من جنسكم وقرئ من أنفسكم بفتح الفاء أي من أشرفكم * (عزيز عليه ما عنتم) * أي يشق عليه عنتكم والعنت هو ما يضرهم في دينهم أو دنياهم وعزيز صفة للرسول وما عنتم فاعل بعزيز وما مصدرية أو ما عنتم مصدر وعزيز خبر مقدم والجملة في موضع الصفة * (حريص عليكم) * أي حريص على إيمانكم وسعادتكم " بالمؤمنين رؤوف رحيم " سماه الله هنا باسمين من أسمائيه * (فإن تولوا فقل حسبي الله) * أي إن أعرضوا عن الإيمان فاستعن بالله وتوكل عليه وقيل إن هاتين الآيتين نزلتا بمكة
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»