انفروا) عتاب لمن تخلف عن غزوة تبوك * (اثاقلتم إلى الأرض) * عبارة عن تخلفهم وأصل اثاقلتم تثاقلتم * (إلا تنفروا يعذبكم) * شرط وجزاء وهو العذاب في الدنيا والآخرة * (إلا تنصروه فقد نصره الله) * شرط وجواب والضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قيل كيف ارتبط هذا الشرط مع جوابه فالجواب أن المعنى إن لم تنصروه أنتم فسننصره الله الذي نصره حين كان ثاني اثنين فدل بقوله نصره الله على نصره في المستقبل * (إذ أخرجه الذين كفروا) * يعني خروجه من مكة مهاجرا إلى المدينة وأسند إخراجه إلى الكفار لأنهم فعلوا معه من الأذى ما اقتضى خروجه * (ثاني اثنين) * هو أبو بكر الصديق * (إذ يقول لصاحبه لا تحزن) * يعني أبا بكر * (إن الله معنا) * يعني بالنصر واللطف * (فأنزل الله سكينته عليه) * الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم وقيل لأبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل معه السكينة ويضعف ذلك بأن الضمائر بعدها للرسول عليه السلام * (وأيده بجنود لم تروها) * يعني الملائكة يوم بدر وغيره * (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) * يريد إذلالها ودحضها * (وكلمة الله هي العليا) * قيل هي لا إله إلا الله وقيل الدين كله * (انفروا خفافا وثقالا) * أمر بالتنفير إلى الغزو والخفة استعارة لمن يمكنه السفر بسهولة والثقل من يمكنه بصعوبة وقال بعض العلماء الخفيف الغني والثقيل الفقير وقيل الخفيف الشاب والثقيل الشيخ وقيل الخفيف النشيط والثقيل الكسلان وهذه الأقوال أمثلة في الثقل والخفة وقيل إن هذه الآية منسوخة بقوله ليس على الضعفاء ولا على المرضى الآية * (لو كان عرضا قريبا) * الآية نزلت هي وكثير مما بعدها في هذه السورة في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وذلك أنها كانت إلى أرض بعيدة وكانت في شدة الحر وطيب الثمار والظلال فثقلت عليهم فأخبر الله في هذه الآية أن السفر لو كان لعرض من الدنيا أو إلى مسافة قريبة لفعلوه * (بعدت عليهم الشقة) * أي الطريق والمسافة * (وسيحلفون بالله) * إخبار بغيب وهو أنهم يعتذرون بأعذار كاذبة يحلفون * (يهلكون أنفسهم) * أي يوقعونها في الهلاك بحلفهم الكاذبة أو تخلفهم عن الغزو * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * الآية كان بعض المنافقين قد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة تبوك فأذن لهم فعاتبه الله تعالى على إذنه له وقدم العفو على العتاب إكراما له صلى الله عليه وسلم وقيل إن قوله عفا الله عنك ليس لذنب ولا عتاب ولكنه استفتاح كلام كما يقول أصلحك الله * (حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) * كانوا قد قالوا استأذنوه في العقود فإن أذن لنا قعدنا وإن لم يأذن لنا قعدنا وإنما كان يظهر الصدق من الكذب لو لم يأذن لهم فحينئذ كان يقعد
(٧٦)