شرعت بالمدينة * (لعلكم ترحمون) * قال بعضهم الرحمة أقرب شيء إلى مستمع القرآن لهذه الآية * (واذكر ربك في نفسك) * يحتمل أن يريد الذكر بالقلب دون اللسان أو الذكر باللسان سرا فعلى الأول يكون قوله ودون الجهر من القول عطف متغاير أي حالة أخرى وعلى الثاني يكون بيانا وتفسيرا للأول * (بالغدو والآصال) * أي في الصباح والعشي والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل قيل المراد صلاة الصبح والعصر وقيل فرض الخمس والأظهر الإطلاق * (إن الذين عند ربك) * هم الملائكة عليهم السلام وفي ذكرهم تحريض للمؤمنين وتعريض للكفار * (وله يسجدون) * قدم المجرور لمعنى الحصر أي لا يسجدون إلا لله والله أعلم سورة الأنفال نزلت هذه السورة في غزوة بدر وغنائمها * (يسألونك عن الأنفال) * الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والسائلون هم الصحابة والأنفال هي الغنائم وذلك أنهم كانوا يوم بدر ثلاث فرق فرقة مع النبي صلى الله عليه وسلم في العريش تحرسه وفرقة اتبعوا المشركين فقتلوهم وأسروهم وفرقة أحاطوا بأسلاب العدو وعسكرهم لما انهزموا فلما انجلت الحرب واجتمع الناس رأت كل فرقة أنها أحق بالغنيمة من غيرها واختلفوا فيما بينهم فنزلت الآية ومعناها يسئلونك عن حكم الغنيمة ومن يستحقها وقيل الأنفال هنا ما ينفله الإمام لبعض الجيش من الغنيمة زيادة على حظه وقد أختلف الفقهاء هل يكون ذلك التنفيل من الخمس وهو قول مالك أو من الأربعة الأخماس أو من رأس النغمة قبل إخراج الخمس * (قل الأنفال لله والرسول) * أي الحكم فيهما لله والرسول لا لكم * (وأصلحوا ذات بينكم) * أي اتفقوا وائتلفوا ولا تنازعوا وذات هنا بمعنى الأحوال قاله الزمخشري وقال ابن عطية يراد بها في هذا الموضع نفس الشيء وحقيقته وقال الزبيري إن إطلاق الذات على نفس الشيء وحقيقته ليس من كلام العرب * (وأطيعوا الله ورسوله) * يريد في الحكم في الغنائم قال عبادة بن الصامت نزلت فينا أصحاب بدر حين اختلفنا وساءت أخلاقنا فنزع الله الأنفال من أيدينا وجعلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها على السواء فكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين * (إنما المؤمنون) * الآية أي الكاملون الإيمان فإنما هنا للتأكيد والمبالغة والحصر * (وجلت قلوبهم) * أي خافت وقرأ أبي بن كعب فزعت * (زادتهم إيمانا) * أي قوي تصديقهم ويقينهم
(٦٠)