التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٣
الكفار يوم بدر والباء للتعليل وشاقوا من الشقاق وهو العداوة والمقاطعة * (ذلكم فذوقوه) * الخطاب هنا للكفار وذلكم مرفوع تقديره ذلكم العقاب أو العذاب ويحتمل أن يكون منصوبا بقوله فذوقوه كقولك زيدا فاضربه * (وأن للكافرين) * عطف على ذلكم على تقدير رفعه أو نصبه أو مفعول معه والواو بمعنى مع * (زحفا) * حال من الذين كفروا أو من الفاعل في لقيتم ومعناه متقابلي الصفوف والأشخاص وأصل الزحف الاندفاع * (فلا تولوهم الأدبار) * نهى عن الفرار مقيدا بأن يكون الكفار أكثر من مثلي المسلمين حسبما يذكره في موضعه * (ومن يولهم يومئذ) * أي يوم اللقاء في أي عصر كان * (إلا متحرفا لقتال) * هو الكر بعد الفر ليرى عدوه أنه منهزم ثم يعطف عليه وذلك من الخداع في الحرب * (أو متحيزا إلى فئة) * أي منحازا إلى جماعة من المسلمين فإن كانت الجماعة حاضرة في الحرب فالتحيز إليها جائز باتفاق واختلف في التحيز إلى المدينة والإمام والجماعة إذا لم يكن شيئا من ذلك حاضرا ويروى عن عمر بن الخطاب أنه قال أنا فئة لكل مسلم وهذا إباحة لذلك والفرار من الذنوب الكبائر وانتصب قوله متحرفا على الاستثناء من قوله ومن يولهم وقال الزمخشري انتصب على الحال وإلا لغو ووزن متحيز متفيعلا ولو كان على متفعل لقال متحوز لأنه من حاز يحوز * (فلم تقتلوهم) * أي لم يكن قتلهم في قدرتكم لأنهم أكثر منكم وأقوى ولكن الله قتلهم بتأييدكم عليهم وبالملائكة * (وما رميت إذ رميت) * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ يوم بدر قبضة من تراب وحصى ورمى بها وجوه الكفار فانهزموا فمعنى الآية أن ذلك من الله في الحقيقة * (بلاء حسنا) * يغني الأجر والنصر والغنيمة * (موهن) * من الوهن وهو الضعف وقريء بالتشديد والتخفيف وهو بمعنى واحد * (إن تستفتحوا) * الآية خطاب لكفار قريش وذلك أنهم كانوا قد دعوا الله أن ينصر أحب الطائفتين إليه وروي أن الذي دعا بذلك أبو جهل فنصر الله المؤمنين وفتح لهم ومعنى إن تستفتحوا تطلبوا الفتح ويحتمل أن يكون الفتح الذي طلبوه بمعنى النصر أو بمعنى الحكم وقيل إن الخطاب للمؤمنين * (فقد جاءكم الفتح) * أن كان الخطاب للكفار فالفتح هنا بمعنى النصر أو بمعنى الحكم أي قد جاءكم الحكم الذي حكم الله عليكم بالهزيمة والقتل والأسر وإن كان الخطاب للمؤمنين فالفتح هنا يحتمل أن يكون بمعنى الحكم لأن الله حكم لهم أو بمعنى النصر * (وإن تنتهوا) * أي ترجعوا عن الكفر وهذا يدل على أن الخطاب للكفار * (وإن تعودوا نعد) * أي إن تعودوا إلى الاستفتاح أو القتال نعد لقتالكم والنصر عليكم * (ولا تولوا عنه) * الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو للأمر
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»