التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٧
ربا تكلون إليه أمركم وأن يحتمل أن تكون مصدرية أو مفسرة * (ذرية من حملنا مع نوح) * نداء وفي ندائهم بذلك تلطف وتذكير بنعمة الله وقيل هي مفعول تتخذوا ويتعين معنى ذلك على قراءة من قرأ يتخذ بالياء ويعني بمن حملنا مع نوح أولاده الثلاثة هم سام وحام ويافث ونساؤهم ومنهم تناسل الناس بعد الطوفان * (إنه كان عبدا شكورا) * أي كثير الشكر كان يحمد الله على كل حال وهذا تعليل لما تقدم أي كونوا شاكرين كما كان أبوكم نوح * (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) * قيل إن قضينا هنا بمعنى علمنا وأخبرنا كما قيل في وقضينا إليه ذلك الأمر والكتاب على هذا التوراة وقيل قضينا إليه من القضاء والقدر والكتاب على هذا اللوح المحفوظ الذي كتبت فيه مقادير الأشياء وإلى بمعنى على * (لتفسدن في الأرض مرتين) * هذه الجملة بيان للمقضي وهي في موضع جواب قضينا إذا كان من القضاء والقدر لأنه جرى مجرى القسم وإن كان بمعنى أعلمنا فهو جواب قسم محذوف تقديره والله لتفسدن والجملة في موضع معمول قضينا والمرتان المشار إليهما إحداهما قتل زكريا والأخرى قتل يحيى عليهما السلام * (ولتعلن علوا كبيرا) * من العلو وهو الكبر والتخيل * (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا) * معناه أنهم إذا أفسدوا في المرة الأولى بعث الله عليهم عبادا له لينتقم منهم على أيديهم واختلف في هؤلاء العبيد فقيل جالوت وجنوده وقيل بختنصر ملك بابل * (فجاسوا خلال الديار) * أي ترددوا بينهما بالفساد وروي أنهم قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخربوا المساجد وسبوا منهم سبعين ألفا * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) * أي الدولة والغلبة على الذين بعثوا عليكم ويعني رجوع الملك إلى بني إسرائيل واستنقاذ أسراهم وقتل بختنصر وقيل قتل داود لجالوت * (أكثر نفيرا) * أي أكثر عددا وهو مصدر من قولك نفر الرجل إذا خرج مسرعا أو جمع نفر * (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) * أحسنتم الأول بمعنى الحسنات والثاني بمعنى الإحسان كقولك أحسنت إلى فلان ففيه تجنيس واللام فيه بمعنى إلى وكذلك اللام في قوله وإن أسأتم فلها " فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم " يعني إذا أفسدوا في المرة الأخيرة بعث الله عليهم أولئك العباد للانتقام منهم فالآخرة صفة للمرة ومعنى يسوؤا يجعلونها تظهر فيها آثار الشر والسوء كقوله سيئت وجوه الذين كفروا واللام لام كي وهي تتعلق ببعثنا المحذوف لدلالة الأول عليه وقيل هي لام الأمر * (وليدخلوا المسجد) * يعني بيت المقدس * (وليتبروا) * من التبار وهو الإهلاك وشدة الفساد * (ما علوا) * ما مفعول ليتبروا أي يهلكوا ما غلبوا عليه من البلاد وقيل إن ما ظرفية أي يفسدوا مدة علوهم * (عسى ربكم أن يرحمكم) * خطاب لبني إسرائيل ومعناه ترجية لهم بالرحمة إن تابوا بعد الرحمة الثانية * (وإن عدتم عدنا) * خطاب لبني إسرائيل أي إن عدتم إلى الفساد عدنا إلى
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»