الآية مخاطبة للعرب الذين أحلوا أشياء وحرموا أشياء كالبحيرة وغيرها مما ذكر في سورة المائدة والأنعام ثم يدخل فيها كل من قال هذا حلال أو حرام بغير علم وانتصب الكذب بلا تقولوا أو يكون قوله هذا حلال وهذا حرام بدل من الكذب وما في قوله بما تصف موصولة ويجوز أن ينتصب الكذب بقوله تصف وتكون ما على هذا مصدرية ويكون قوله هذا حلال وهذا حرام معمول لا تقولوا * (متاع قليل) * يعني عيشهم في الدنيا أو انتفاعهم بما فعلوه من التحليل والتحريم * (وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل) * يعني قوله في الأنعام حرمنا كل ذي ظفر إلى آخر الآية فذكر ما حرم على المسلمين وما حرم على اليهود ليعلم أن تحريم ما عدا ذلك افتراء على الله كما فعلت العرب * (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة) * هذه الآية تأنيس لجميع الناس وفتح باب التوبة * (إن إبراهيم كان أمة) * فيه وجهان أحدهما أنه كان وحده أمة من الأمم بكماله وجمعه لصفات الخير كقول الشاعر فليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد والآخر أن يكون أمة بمعنى إمام كقوله إني جاعلك للناس إماما قال ابن مسعود والأمة معلم الناس الخير وقد ذكر معنى القانت والحنيف * (وآتيناه في الدنيا حسنة) * يعني لسان الصدق وأن جميع الأمم متفقون عليه وقيل يعني المال والأولاد * (لمن الصالحين) * أي من أهل الجنة " ولم يكن من المشركين " نفي عنه الشرك لقصد الرد على المشركين من العرب الذين كانوا ينتمون إليه * (إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه) * أمر موسى بني إسرائيل أن يجعلوا يوم الجمعة مختصا للعبادة فرضى بعضهم بذلك وقال أكثرهم بل يكون يوم السبت فألزمهم الله يوم السبت فاختلافهم فيه هو ما ذكر والسبت على هذا هو اليوم وقيل اختلافهم فيه هو أن منهم من حرم الصيد فيه ومنهم من أحله فعاقبهم الله بالمسخ قردة فالمعنى إنما جعل وبال السبت على الذين اختلفوا فيه والسبت على هذا مصدر من سبت إذا عظم يوم السبت قاله الزمخشري وتقتضي الآية أن السبت لم يكن من ملة إبراهيم عليه السلام * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) * المراد بالسبيل هنا الإسلام والحكمة هي الكلام الذي يظهر صوابه والموعظة هي الترغيب والترهيب والجدال هو الرد على المخالف وهذه الأشياء الثلاثة يسميها
(١٦٤)