الآية كان الكفار يقترحون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بكنز أو يأتي معه ملك وكانوا يستهزؤن بالقرآن فقال الله تعالى له فلعلك تارك أن تلقى إليهم بعض ما أنزل إليك ويثقل عليك تبليغهم من أجل استهزائهم أو لعلك يضيق صدرك من أجل أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك والمقصود بالآية تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عن قولهم حتى يبلغ الرسالة ولا يبالي بهم وإنما قال ضائق ولم يقل ضيق ليدل على اتساع صدره عليه السلام وقلة ضيقه * (إنما أنت نذير) * أي ليس عليك إلا الإنذار والتبليغ والله هو الوكيل الذي يقضى بما شاء من إيمانهم أو كفرهم * (أم يقولون افتراه) * أم هنا منقطعة بمعنى بل والهمزة والضمير في افتراه لما يوحى إليه * (قل فأتوا بعشر سور مثله) * تحداهم أولا بعشر سور فلما بان عجزهم تحداهم بسورة واحدة فقال فأتوا بسورة من مثله والمماثلة المطلوبة في فصاحته وعلومه * (مفتريات) * صفة لعشر سور وذلك مقابلة لقولهم افتراه وليست المماثلة في الافتراء * (وادعوا من استطعتم) * أي استعينوا بمن شئتم * (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) * فيها وجهان أحدهما أن تكون مخاطبة من الله للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين أي إن لم يستجب الكفار إلى ما دعوتموهم إليه من معارضة القرآن فاعلموا أنه من عند الله وهذا على معنى دوموا على علمكم بذلك أو زيدوا يقينا به والثاني أن يكون خطابا من النبي صلى الله عليه وسلم للكفار أي إن لم يستجب من تدعونه من دون الله إلى شيء من المعارضة ولا قدر جميعكم عليه فاعلموا أنه من عند الله وهذا أقوى من الأول لقوله فهل أنتم مسلمون ومعنى بعلم الله بإذنه أو بما لا يعلمه إلا الله من الغيوب وقوله فهل أنتم مسلمون لفظه استفهام ومعناه استدعاء إلى الإسلام وإلزام للكفار أن يسلموا لما قام الدليل على صحة الإسلام لعجزهم عن الإتيان بمثل القرآن * (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) * الآية نزلت في الكفار الذين يريدون الدنيا ولا يريدون الآخرة إذ هم لا يصدقون بها وقيل نزلت في أهل الربا من المؤمنين الذين يريدون بأعمالهم الدنيا حسبما ورد في الحديث في القارئ والمنفق والمجاهد الذين أرادوا أن يقال لهم ذلك إنهم أول من تسعر بهم النار والأول أرجح لتقدم ذكر الكفار المناقضين للقرآن فإنما قصد بهذه الآية أولئك * (نوف إليهم أعمالهم فيها) * نوف إليهم أجور أعمالهم بما يغبطهم فيها من الصحة والرزق والضمير في فيها يعود على الدنيا والمجرور متعلق بقوله نوف أو بأعمالهم * (وحبط ما صنعوا فيها) * الضمير في فيها هنا يعود على الآخرة إن تعلق المجرور بحبط ويعود على الدنيا إن تعلق بصنعوا * (أفمن كان على بينة من ربه) * الآية معادلة لما تقدم والمعنى أفمن كان يريد الحياة الدنيا كمن كان على بينة من ربه والمراد بمن كان على بينة من ربه للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون لقوله بعد ذلك أولئك يؤمنون به ومعنى البينة البرهان العقلي والأمر
(١٠٢)