التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
كالبحر قال ابن عطية وهذا ضعيف وأين كان الموج كالجبال على هذا وصوبه الزمخشري وقال كانت تجري في موج كالجبال قبل التطبيق وقبل أن يغمر الماء الجبال * (ونادى نوح ابنه) * كان اسمه كنعان وقيل يام وكان له ثلاث بنون سواه وهم سام وحام ويافث ومنهم تناسل الخلق * (في معزل) * أي في ناحية * (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) * يحتمل أربعة أوجه أحدها أن يكون عاصم اسم فاعل ومن رحم كذلك بمعنى الراحم فالمعنى لا عاصم إلا الراحم وهو الله تعالى والثاني أن يكون عاصم بمعنى ذي عصمة أي معصوم ومن رحم بمعنى مفعول أي من رحم الله فالمعنى لا معصوم إلا من رحمه الله والاستثناء على هذين الوجهين متصل والثالث أن يكون عاصم اسم فاعل ومن رحم بمعنى المفعول والمعنى لا عاصم من أمر الله لكن من رحمه الله فهو المعصوم والرابع عكسه والاستثناء على هذين منقطع * (ابلعي ماءك) * عبارة عن جفوف الأرض من الماء * (أقلعي) * أي أمسكي عن المطر وروى أنها أمطرت من كل موضع منها * (وغيض الماء) * أي نقص * (وقضي الأمر) * أي تم وكمل * (واستوت على الجودي) * أي استقرت السفينة على الجودي وهو جبل بالموصل * (وقيل بعدا) * أي هلاكا وانتصب على المصدر * (ونادى نوح ربه) * يحتمل أن يكون هذا النداء قبل الغرق فيكون العطف من غير ترتيب أو يكون بعده * (قال رب إن ابني من أهلي) * أي وقد وعدتني أن تنجي أهلي * (قال يا نوح إنه ليس من أهلك) * أي ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم لأنه كافر وقال الزمخشري لم يكن ابنه ولكنه خانته أمه وكان لغير رشده وهذا ضعيف لأن الأنبياء عليهم السلام قد عصمهم الله من أن تزني نساؤهم ولقوله ونادى نوح ابنه * (إنه عمل غير صالح) * فيه ثلاث تأويلات على قراءة الجمهور أحدها أن يكون الضمير في إنه لسؤال نوح نجاة ابنه والثاني أن يكون الضمير لابن نوح وحذف المضاف من الكلام تقديره إنه ذو عمل غير صالح والثالث أن يكون الضمير لابن نوح وعمل مصدر وصف به مبالغة كقولك رجل صوم وقرأ الكسائي عمل بفعل ماض غير صالح بالنصب والضمير على هذا لابن نوح بلا إشكال * (فلا تسألن ما ليس لك به علم) * أي لا تطلب مني أمرا لا تعلم أصواب هو أم غير صواب حتى تقف على كنهه فإن قيل لم سمي نداءه سؤالا ولا سؤال فيه فالجواب أنه تضمن السؤال وإن لم يصرح به * (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) * أن في موضع مفعول من أجله تقديره أعظك كراهة أن تكون من الجاهلين وليس في ذلك وصف له بالجهل بل فيه
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»