التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٦٣
اليهود لعنهم الله يستقبلون المغرب والنصارى المشرق * (يعرفونه) * أي يعرفون القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر القبلة * (كما يعرفون أبناءهم) * مبالغة في وصف المعرفة وقال عبد الله بن سلام معرفتي بالنبي صلى الله عليه وسلم أشد من معرفتي بابني لأن ابني قد يمكن فيه الشك * (ولكل) * أي لكل أحد أو لكل طائفة * (وجهه) * أي جهة ولم تحذف الواو لأنه ظرف مكان وقيل إنه مصدر وثبت فيه الواو على غير قياس * (هو موليها) * أي موليها وجهه وقرئ مولاها أي ولاه الله إليها والمعنى أن الله جعل لكل أمة قبلة * (فاستبقوا الخيرات) * أي بادروا إلى الأعمال الصالحات * (يأت بكم الله) * أي يبعثكم من قبوركم * (فول وجهك) * الأمر كرر للتأكيد أو ليناط به ما بعده * (لئلا يكون للناس) * الآية معناها أن الصلاة إلى الكعبة تدفع حجة المعترضين من الناس فإن أريد اليهود فحجتهم أنهم يجدون في كتبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يتحول إلى الكعبة فلما صلى إليها لم تبق لهم حجة على المسلمين وإن أريد قريش فحجتهم أنهم قالوا قبلة آبائه أولى به * (إلا الذين ظلموا) * أي من يتكلم بغير حجة ويعترض التحول إلى الكعبة والاستثناء متصل لأنه استثناء من عموم الناس ويحتمل الانقطاع على أن يكون استثناء ممن له حجة فإن الذين ظلموا هم الذين ليس لهم حجة * (ولأتم) * متعلق بمحذوف أي فعلت ذلك لأتم أو معطوف على لئلا يكون * (كما أرسلنا) * متعلق بقوله لأتم أو بقوله فاذكروني والأول أظهر * (فاذكروني أذكركم) * قال سعيد بن المسيب معناه اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب وقيل اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحو ذلك وقد أكثر المفسرون ولا سيما المتصوفة في تفسير هذا الموضع بألفاظ لها معاني مخصوصة ولا دليل على التخصيص وبالجملة فهذه الآية بيان لشرف الذكر وبينها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يرويه عن ربه أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم والذكر ثلاثة أنواع ذكر بالقلب وذكر باللسان وبهما معا واعلم أن الذكر أفضل الأعمال على الجملة
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»