التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٧٤
الشهر والبلد حين دخلتموها قصاص بحرمة الشهر والبلد حين صددتم عنها * (فاعتدوا عليه) * تسمية للعقوبة باسم الذنب أي قاتلوا من قاتلكم ولا تبالوا بحرمة من صدكم عن دخول مكة * (تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * قال أبو أبو أيوب الأنصاري المعنى لا تشتغلوا بأموالكم عن الجهاد وقيل لا تتركوا النفقة في الجهاد خوف العيلة وقيل لا تقنطوا من التوبة وقيل لا تقتحموا المهالك والباء في بأيديكم زائدة وقيل التقدير لا تلقوا أنفسكم بأيديكم * (وأتموا الحج والعمرة لله) * أي أكملوها إذا ابتدأتم عملهما قال ابن عباس إتمامهما كمال المناسك وقال علي إتمامهما أن تحرم بهما من دارك ولا حجة فيه لمن أوجب العمرة لأن الأمر إنما هو بالإتمام لا بالابتداء * (فإن أحصرتم) * المشهور في اللغة أحصره المرض بالألف وحصره العدو وقيل بالعكس وقيل هما بمعنى واحد فقال مالك أحصرتم هنا بالمرض على مشهور اللغة فأوجب عليه الهدي ولم يوجبه على من حصره العدو وقال الشافعي وأشهب يجب الهدي على من حصره العدو وعمل الآية على ذلك واستدلا بنحر النبي صلى الله عليه وسلم الهدي بالحديبية وقال أبو حنيفة يجب الهدي على المحصر بعدو وبمرض * (فما استيسر) * أي فعليكم ما استيسر من الهدي وذلك شاة " ولا تحلقوا رؤسكم " خطابا للمحصر وغيره * (فمن كان منكم مريضا) * الآية نزلت في كعب بن عجرة حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له لعلك يؤذيك هوام رأسك احلق رأسك وصم ثلاثة أيام وأطعم ستة مساكين أو انسك بشاة فمعنى الآية أن من كان في الحج واضطره مرض أو قمل إلى حلق رأسه قبل يوم النحر جاز له حلقه وعليه صيام أو صدقة أو نسك حسبما تفسر في الحديث وقاس الفقهاء على حلق الرأس سائر الأشياء التي يمنع الحاج منها إلا الصيد والوطء وقصر الظاهرية ذلك على حلق الرأس ولا بد في الآية من مضمر لا ينتقل الكلام عنه وهو المسمى فحوى الخطاب وتقديرها فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فحلق رأسه فعليه فدية * (فإذا أمنتم) * أي من المرض على قول مالك ومن العدو على قول غيره والمعنى إذا كنتم بحال أمن سواء تقدم مرض أو خوف عدو أو لم يتقدم * (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) * التمتع عند مالك وغيره هو أن يعتمر الإنسان في أشهر الحج ثم يحج من عامه فهو قد تمتع بإسقاط أحد السفرين للحج أو العمرة وقال عبد الله بن الزبير التمتع هو أن يحصر عن الحج بعدو حتى يفوته الحج فيعتمر عمرة يتحلل بها من إحرامه ثم يحج من قابل قضاء لحجته فهو قد تمتع بفعل الممنوعات من الحج في وقت تحلله بالعمرة إلى الحج القابل وقيل التمتع هو قران الحج والعمرة * (فما استيسر من الهدي) * شاة * (ثلاثة أيام في الحج) * وقتها من إحرامه إلى يوم عرفة فإن فاته صام أيام التشريق * (إذا رجعتم) * إلى بلادكم أو في الطريق * (تلك عشرة) * فائدته أن السبع تصام بعد الثلاثة فتكون عشرة ورفع لئلا يتوهم أن السبعة بدل من الثلاثة وقيل هو مثل الفذلكة وهو قول الناس بعد الأعداد فذلك كذا وقيل كاملة في الثواب * (لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) * يعني غير أهل مكة
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»