التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٦٦
الصفا والمروة وليس لأحد تركه وقيل إن الوجوب يؤخذ من قوله * (شعائر الله) * وهذا ضعيف لأن شعائر الله منها واجبة ومنها مندوبة وقد قيل إن السعي مندوب * (يطوف) * أصله يتطوف ثم أدغمت التاء في الطاء وهذا الطواف يراد به السعي سبعة أشواط * (ومن تطوع) * عاما في أفعال البر وخاصة في الوجوب من السنة أو معنى التطوع بحج بعد حج الفريضة * (إن الذين يكتمون) * أمر محمد صلى الله عليه وسلم * (في الكتاب) * التوراة هنا * (اللاعنون) * الملائكة والمؤمنون وقيل المخلوقات إلا الثقلين وقيل البهائم لما يصيبهم من الجدب لذنوب الكاتمين للحق * (وبينوا) * أي شرط في توبتهم أن يبينوا لأنهم كتموا * (والناس أجمعين) * هم المؤمنون فهو عموم يراد به الخصوص لأن المؤمنين هم الذين يعتد بلعنهم للكافرين وقيل يلعنهم جميع الناس * (خالدين فيها) * أي في اللعنة وقيل في النار * (لا هم ينظرون) * من أنظر إذا أخر أي لا يؤخرون عن العذاب ولا يمهلون أو من نظر لقوله * (لا ينظر إليهم) * إلا أن يتعدى بإلى * (وإلهكم إله واحد) * الواحد له ثلاثة معان كلها صحيحة في حق الله تعالى أحدها أنه لا ثاني له فهو نفي للعدد والآخر أنه لا شريك له والثالث أنه لا يتبعض ولا ينقسم وقد فسر المراد به هنا في قوله لا إله إلا هو واعلم أن توحيد الخلق لله تعالى على ثلاث درجات الأولي توحيد عامة المسلمين وهو الذي يعصم النفس من الهلك في الدنيا وينجي من الخلود في النار في الآخرة وهو نفي الشركاء والأنداد والصاحبة والأولاد والأشباه والأضداد الدرجة الثانية توحيد الخاصة وهو أن يرى الأفعال كلها صادرة من الله وحده ويشاهد ذلك بطريق المكاشفة لا بطريق الاستدلال الحاصل لكل مؤمن وإنما مقام الخاص في التوحيد يغني في القلب بعلم ضروري لا يحتاج إلى دليل وثمرة هذا العلم الانقطاع إلى الله والتوكل عليه وحده واطراح جميع الخلق فلا يرجو إلا الله ولا يخاف أحدا سواه إذ ليس يرى فاعلا إلا إياه ويرى جميع الخلق في قبضة القهر ليس بيدهم شيء من الأمر فيطرح الأسباب وينبذ الأرباب والدرجة الثالثة ألا يرى في الوجود إلا الله وحده فيغيب عن النظر إلى المخلوقات حتى كأنها عنده معدومة وهذا الذي تسميه الصوفية مقام الفناء بمعنى الغيبة عن الخلق حتى أنه قد يفنى عن نفسه وعن توحيده أي يغيب عن ذلك باستغراقه في مشاهدة الله * (إن في خلق السماوات والأرض) * الآية ذكر فيها ثمانية أصناف من المخلوقات تنبيها على ما فيها من العبر والاستدلال على التوحيد المذكور قبلها في قوله * (وإلهكم إله واحد) * * (واختلاف الليل والنهار) * أي اختلاف وصفهما من الضياء والظلام والطول والقصر وقيل إن أحدهما يخلف الاخر * (بما ينفع الناس) * من التجارة وغيرها * (وتصريف الرياح) * إرسالها من جهات
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»