التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٥٨
أخطأ القبلة فلا تجب عليه الإعادة وهو مذهب مالك * (وجه الله) * المراد به هنا رضاه كقوله * (ابتغاء وجه الله) * أي رضاه وقيل معناه الجهة التي وجهه إليها وأما قوله " كل شيء هالك إلا وجهه " * (ويبقى وجه ربك) * فهو من المتشابه الذي يجب التسليم له من غير تكييف ويرد علمه إلى الله وقال الأصوليين هو عبارة عن الذات أو عن الوجود وقال بعضهم هو صفة ثابتة بالسمع * (وقالوا اتخذ) * قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وقالت الصابئون وبعض العرب الملائكة بنات الله * (سبحانه) * تنزيه لهم عن قولهم * (بل له) * الآية رد عليهم لأن الكل ملكه والعبودية تنافي النبوة * (قانتون) * أي طائعون منقادون * (بديع السماوات) * أي مخترعها وخالقها ابتداء * (وإذا قضى أمرا) * أي قدره وأمضاه قال ابن عطية يتحد في الآية المعنيان فعلى مذهب أهل السنة قدر في الأزل وأمضى فيه وعلى مذهب المعتزلة أمضى عند الخلق والإيجاد قلت لا يكون قضى هنا بمعنى قدر لأن القدرقديم وإذا تقتضي الحدوث والاستقبال وذلك يناقض القدم وإنما قضى هنا بمعنى أمضى أو فعل أو وجد كقوله * (فقضاهن سبع سماوات) * وقد قيل إنه بمعنى ختم الأمر وبمعنى حكم والأمر هنا بمعنى الشيء وهو واحد الأمور وليس بمصدر أمر يأمر * (فإنما يقول له كن فيكون) * قال الأصوليون هذا عبارة عن تعود قدرة الله تعالى وليس بقول حقيقي لأنه إن كان قول كن خطابا للشيء في حال عدمه لم يصح لأن لمعدوم لم يخاطب وإن كان خطابا في حال وجوده لأنه قد كان وتحصيل الحاصل غير مطلوب وحمله المفسرون على حقيقته وأجابوا عن ذلك بأربعة أجوبة أحدها أن الشيء الذي يقول له كن فيكون هو موجود في علم الله وإنما يقول له كن ليخرجه إلى العيان لنا والثاني أن قوله كن لا يتقدم على وجود الشيء ولا يتأخر عنه قاله الطبري والثالث أن ذلك خطابا لمن كان موجودا على حاله فيأمر بأن يكون على حالة أخرى كإحياء الموتى ومسخ الكفار وهذا ضعيف لأنه تخصيص من غير مخصص والرابع أن معنى يقول له يقول من أجله فلا يلزم خطابه والأول أحسن هذه الأجوبة وقال ابن عطية تلخيص المعتقد في هذه الآية أن الله عز وجل لم يزل آمرا للمعدومات بشرط وجودها فكل ما في الآية مما يقتضي الاستقبال فهو بحسب المأمورات إذ المحدثات تجىء بعد أن لم تكن فيكون رفع على الاستثناء قال سيبويه معناه فهو يكون قال غيره يكون عطف على يقول واختاره الطبري وقال ابن عطية وهو فاسد من جهة المعنى ويقتضي أن القول مع التكوين والوجود وفي هذا نظر * (وقال الذين لا يعلمون) * هم هنا وفي الموضع الأول كفار العرب على الأصح وقيل هم اليهود والنصارى * (لولا يكلمنا الله) * لولا هنا عرض والمعنى أنهم قالوا لن نؤمن حتى يكلمنا الله * (أو تأتينا آية) * أي دلالة من المعجزات كقولهم * (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) * وما بعده * (كذلك قال الذين من قبلهم) * يعني اليهود والنصارى على القول بأن الذين لا يعلمون كفار العرب وأما على القول بأن الذين لا يعلمون اليهود والنصارى فالذين من قبلهم هم أمم الأنبياء المتقدمين * (تشابهت قلوبهم) * الضمير للذين لا يعلمون وللذين من قبلهم وتشابه قلوبهم في الكفر أو في طلب
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»