فيهم بل حكمها على العموم في الشهداء * (ولنبلونكم) * أي نختبركم وحيث ما جاء الاختبار في حق الله فمعناه أن يظهر في الوجود ما في علمه لتقوم الحجة على العبد وليس كاختبار الناس بعضهم بعضا لأن الله يعلم ما كان وما يكون والخطاب بهذا الابتلاء للمسلمين وقيل لكفار قريش والأول أظهر لقوله بعد هذا وبشر الصابرين " بشيء من الخوف " من الأعداء * (والجوع) * بالجدب * (ونقص من الأموال) * بالخسارة * (والأنفس والثمرات) * بالجوائح وقيل ذلك كله بسبب الجهاد * (إنا لله) * اللام للملك والمالك يفعل في ملكه ما يشاء * (راجعون) * تذكروا الآخرة لتهون عليهم مصائب الدنيا وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أصابته مصيبة فقال إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها أخلف الله له خيرا مما أصابه قالت أم سلمة فلما مات زوجي أبو سلمة قلت ذلك فأبدلني الله به رسول الله صلى الله عليه وسلم فائدة ورد ذكر الصبر من القرآن في أكثر من سبعين موضعا وذلك لعظمة موقعه في الدين قال بعض العلماء كل الحسنات لها أجر محصور من عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصبر فإنه لا يحصر أجره لقوله تعالى * (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) * وذكر الله للصابرين ثمانية أنواع من الكرامة أولها المحبة قال * (والله يحب الصابرين) * والثاني النصر قال * (إن الله مع الصابرين) * والثالث غرفات الجنة قال * (يجزون الغرفة بما صبروا) * والرابع الأجر الجزيل قال * (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) * والأربعة الأخرى المذكورة في هذه الآية ففيها البشارة قال * (وبشر الصابرين) * والصلاة والرحمة والهداية * (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) * والصابرون على أربعة أوجه صبر على البلاء وهو منع النفس من التسخيط والهلع والجزع وصبر على النعم وهو تقييدها بالشكر وعدم الطغيان وعدم التكبر بها وصبر على الطاعة بالمحافظة والدوام عليها وصبر عن المعاصي بكف النفس عنها وفوق الصبر التسليم وهو ترك الاعتراض والتسخيط ظاهرا وترك الكراهة باطنا وفوق التسليم الرضا بالقضاء وهو سرور النفس بفعل الله وهو صادر عن المحبة وكل ما يفعل المحبوب محبوب * (إن الصفا والمروة) * جبلان صغيران بمكة * (من شعائر الله) * أي معالم دينه واحدها شعيرة أو شعارة * (فلا جناح عليه) * إباحة للسعي بين الصفا والمروة والسعي بينهما واجب عند مالك والشافعي وإنما جاء بلفظ يقتضي الإباحة لأن بعض الصحابة امتنعوا من السعي بينهم لأنه كان في الجاهلية على الصفا صنم يقال له أساف وعلى المروة صنم يقال له نائلة فخافوا أن يكون السعي بينهما تعظيما للصنمين فرفع الله ما وقع في نفوسهم من ذلك ثم إن السعي بينهما للسنة قالت عائشة رضي الله عنها سن رسول الله صلى الله عليه وسلم السعي بين
(٦٥)