مختلفة وهي الجهات الأربع وما بينهما وبصفات مختلفة فمنها ملقحة بالشجر وعقيم وصر وللنصر وللهلاك * (والذين آمنوا أشد حبا لله) * اعلم أن محبة العبد لربه على درحتين إحداهما المحبة العامة التي لا يخلو منها كل مؤمن وهي واجبة والأخرى المحبة الخاصة التي ينفرد بها العلماء الربانيون والأولياء والأصفياء وهي أعلى المقامات وغاية المطلوبات فإن سائر مقامات الصالحين كالخوف والرجاء والتوكل وغير ذلك فهي مبنية على حظوظ النفس ألا ترى أن الخائف إنما يخاف على نفسه وأن الراجي إنما يرجو منفعة نفسه بخلاف المحبة فإنها من أجل المحبوب فليست من المعاوضة واعلم أن سبب محبة الله معرفته فتقوى المحبة على قدر قوة المعرفة وتضعف على قدر ضعف المعرفة فإن الموجب للمحبة إحدى أمرين وكلاهما إذا اجتمع في شخص من خلق الله تعالى كان في غاية الكمال الموجب الأول الحسن والجمال والآخر الإحسان والإجمال فأما الجمال فهو محبوب بالطبع فإن الإنسان بالضرورة يحب كل ما يستحسن والإجمال مثل جمال الله في حكمته البالغة وصنائعه البديعة وصفاته الجميلة الساطعة الأنوار التي تروق العقول وتهيج القلوب وإنما يدرك جمال الله تعالى بالبصائر لا بالأبصار وأما الإحسان فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وإحسان الله إلى عباده متواتر وإنعامه عليهم باطن وظاهر وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ويكفيك أنه يحسن إلى المطيع والعاصي والمؤمن والكافر وكل إحسان ينسب إلى غيره فهو في الحقيقة منه وهو المستحق للمحبة وحده واعلم أن محبة الله إذا تمكنت من القلب ظهرت آثارها على الجوارح من الجد في طاعته والنشاط لخدمته والحرص على مرضاته والتلذذ بمناجاته والرضا بقضائه والشوق إلى لقائه والأنس بذكره والاستيحاش من غيره والفرار من الناس والانفراد في الخلوات وخروج الدنيا من القلب ومحبة كل من يحبه الله وإيثاره على كل من سواه قال الحارث المحاسبي المحبة تسليمك إلى المحبوب بكليتك ثم إيثارك له على نفسك وروحك ثم موافقته سرا وجهرا ثم علمك بتقصيرك في حبه * (ولو ترى) * من رؤية العين والذين ظلموا مفعول وجواب لو محذوف وهو العامل في أن التقدير لو ترى الذين ظلموا لعلمت أن القوة لله أو لعلموا أن القوة لله والقوي بالياء وهو على هذه القراءة من رؤيا القلب والذين ظلموا فاعل وأن القوة مفعول يرى وجواب لو محذوف والتقدير لو يرى الذين ظلموا أن القوة لله لندموا ولاستعظموا ما حل بهم * (إذ تبرأ) * بدل من إذ يرون أو استئناف والعامل فيه محذوف وتقديره اذكر * (الذين اتبعوا) * هم الآلهة أو الشياطين أو الرؤساء من الكفار والعموم أولى * (الأسباب) * هنا الوصلات من الأرحام والمودات * (أعمالهم حسرات) * أي سيادتهم وقيل حسنتهم إذا لم تقبل
(٦٧)