التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٥٧
خلافا لمن منع ذلك من الظاهرية وغيرهم * (ولا تكن للخائنين خصيما) * نزلت هذه الآية وما بعدها في قصة طعمة ابن الأبيرق إذ سرق طعاما وسلاحا لبعض الأنصار وجاء قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنه بريء ونسبوا السرقة إلى غيره وظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم صادقون فجادل عنهم ليدفع ما نسب إليهم حتى نزل القرآن فافتضحوا فالخائنون في الآية هم السراق بنو الأبيرق وقال السهيلي هم بشر وبشير ومبشر وأسيد ومعناها لا تكن لأجل الخائنين مخاصما لغيرهم * (واستغفر الله) * أي من خصامك عن الخائنين على أنه صلى الله عليه وسلم إنما تكلم على الظاهر وهو يعتقد براءتهم * (إذ يبيتون) * أي يدبرون ليلا وإنما سمى التدبير قولا لأنه كلام النفس وربما كان معه كلام باللسان * (ومن يكسب خطيئة أو إثما) * قيل إن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد والإثم لا يكون إلا عن عمد وقيل هما بمعنى وكرر لاختلاف اللفظ * (ثم يرم به بريئا) * كان القوم قد نسبوا السرقة إلى لبيد بن سهل * (لهمت طائفة منهم أن يضلوك) * هم الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبرؤا ابن الأبيرق من السرقة وهذه الآية وإن كانت إنما نزلت بسبب هذه القصة فهي أيضا تتضمن أحكام غيرها وبقية الآية تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم وتقدير لنعم الله عليه * (لا خير في كثير من نجواهم) * إن كانت النجوى هنا بمعنى الكلام الخفي فالاستثناء الذي بعدها منقطع وقد يكون متصلا على حذف مضاف تقديره إلا نجوى من أمر وإن كانت النجوى بمعنى الجماعة فالاستثناء متصل * (ومن يشاقق الرسول) * أي يعاديه والشقاق هو العداوة ونزلت الآية بسبب ابن الأبيرق لأنه ارتد وسار إلى المشركين ومات على الكفر وهي عامة فيه وفي غيره * (ويتبع غير سبيل المؤمنين) * استدل الأصوليون بها على صحة إجماع المسلمين وأنه لا يجوز مخالفته لأن من خالفه اتبع غير سبيل المؤمنين وفي ذلك نظر * (نوله ما تولى) * أي نتركه مع
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»