أن يكون للذين سجدوا أي إذا سجدوا فليقوموا وليرجعوا وراءكم وعلى هذا إن كان السجود في الركعة الأولى فيقتضي ذلك أنهم يقومون للحرابة بعد انقضاء الركعة الأولى ثم يحتمل بعد ذلك أن يقضوا بقية صلاتهم أو لا يقضونها وإن كان السجود في ركعة القضاء فيقتضي ذلك أنهم لا يقومون للحراسة إلا بعد القضاء وهو مذهب مالك والشافعي ويحتمل أن يكون الضمير في قوله فليكونوا للطائفة الأخرى أن يقفوا وراء المصلين يحرسونهم * (ولتأت طائفة أخرى) * يعني الطائفة الحارسة * (ود الذين كفروا) * الآية إخبار عما جرى في غزوة ذات الرقاع من عزم الكفار على الإيقاع بالمسلمين إذا اشتغلوا بصلاتهم فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك وشرعت صلاة الخوف حذرا من الكفار وفي قوله ميلة واحدة مبالغة أي مفاضلة لا يحتاج منها إلى ثانية * (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر) * الآية نزلت بسبب عبد الرحمن ابن عوف كان مريضا فوضع سلاحه فعنفه بعض الناس فرخص الله في وضع السلاح في حال المرض والمطر ويقاس عليهما كل عذر يحدث في ذلك الوقت * (إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا) * إن قيل كيف طابق الأمر بالحذر للعذاب المهين فالجواب أن الأمر بالحذر من العدو يقتضي توهم قوتهم وعزتهم فنفى ذلك الوهم بالإخبار أن الله يهينهم ولا ينصرهم لتقوى قلوب المؤمنين قال ذلك الزمخشري وإنما يصح ذلك إذا كان العذاب المهين في الدنيا والأظهر أنه في الآخرة * (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله) * الآية أي إذا فرغتم من الصلاة فاذكروا الله بألسنتكم وذكر القيام والقعود على الجنوب ليعم جميع أحوال الإنسان وقيل المعنى إذا تلبستم بالصلاة فافعلوها قياما فإن لم تقدروا فقعودا فإن لم تقدروا فعلى جنوبكم * (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) * أي إذا اطمأننتم من الخوف فأقيموا الصلاة على هيئتها المعهودة * (كتابا موقوتا) * أي محدودا بالأوقات وقال ابن عباس فرضا مفروضا * (ولا تهنوا في ابتغاء القوم) * أي لا تضعفوا في طلب الكفار * (إن تكونوا تألمون) * الآية معناها إن أصابكم ألم من القتال فكذلك يصيب الكفار ألم مثله ومع ذلك فإنكم ترجون إذا قاتلتموهم النصر في الدنيا والأجر في الآخرة وذلك تشجيع للمسلمين * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) * يحتمل أن يريد بالوحي أو بالاجتهاد أو بهما وإذا تضمنت الاجتهاد ففيها دليل على إثبات النظر والقياس
(١٥٦)