التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٥٣
الكفارة في قتل الذمي وقيل هي عامة في المؤمن والكافر ولفظ الآية مطلق إلا أن قيده قوله وهو مؤمن في الآية التي قبلها وقرأ الحسن هنا وهو مؤمن * (فمن لم يجد فصيام شهرين) * أي من لم يجد العتق ولم يقدر عليه فصيام الشهرين المتتابعين عوض منه * (توبة من الله) * منصوب على المصدرية ومعناه رحمة منه وتخفيفا * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * الآية نزلت بسبب مقيس بن صبابة كان قد أخذ دية أخيه هشام المقتول خطأ ثم قتل رجلا من القوم الذين قتلوا أخاه وارتد مشركا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله والمتعمد عند الجمهور هو الذي يقصد القتل بحديدة أو حجر أو عصا أو غير ذلك وهذه الآية معطلة على مذهب الأشعرية وغيرهم ممن يقول لا يخلد عصاة المؤمنين في النار واحتج بها المعتزلة وغيرهم ممن يقول بتخليد العصاة في النار لقوله خالدا فيها وتأولها الأشعرية بأربعة أوجه أحدها أن قالوا إنها في الكافر إذا قتل مؤمنا والثاني قالوا معنى المتعمد هنا المستحل للقتل وذلك يؤول إلى الكفر والثالث قالوا الخلود فيها ليس بمعنى الدوام الأبدي وإنما هو عبارة عن طول المدة والرابع أنها منسوخة بقوله تعالى * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * وأما المعتزلة فحملوها على ظاهرها ورأوا أنها ناسخة لقوله * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * واحتجوا على ذلك بقول زيد بن ثابت نزلت الشديدة بعد الهينة بقول ابن عباس الشرك والقتل من مات عليهما خلد وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل المؤمن متعمدا وتقتضي الآية وهذه الآثار أن للقتل حكما يخصه من بين سائر المعاصي واختلف الناس في القاتل عمدا إذا تاب هل تقبل توبته أم لا وكذلك حكى ابن رشد الخلاف في القاتل إذا اقتص منه هل يسقط عنه العقاب في الآخرة أم لا والصحيح أنه يسقط عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصاب ذنبا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة وبذاك قال جمهور العلماء * (ضربتم في سبيل الله) * أي سافرتم في الجهاد * (فتبينوا) * من البيان وقرئ بالثاء المثلثة من الثبات والتفعل فيها بمعنى الاستفعال أي اطلبوا بيان الأمر وثبوته " ألقى إليكم السلم " بغير ألف أي انقاد وألقى بيده وقرئ السلام بمعنى التحية ونزلت في سرية لقيت رجلا فسلم عليهم وقال لا إله إلا الله محمد رسول الله فحمل عليه أحدهم فقتله فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان القاتل علم بن جثامة والمقتول عامر بن الأغبط وقيل القاتل أسامة بن زيد والمقتول مرداس بن بهيك * (تبتغون عرض الحياة الدنيا) * يعني الغنيمة وكان للرجل المقتول غنم * (فعند الله مغانم كثيرة) * وعد وتزهيد في غنيمة من أظهر الإسلام * (كذلك كنتم من قبل) * قيل معناه كنتم كفارا فهداكم الله للإسلام وقيل كنتم تخفون إيمانكم من قومكم * (فمن الله عليكم) * بالعزة والنصر حتى أظهرتموه * (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) * الآية
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»