تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٥ - الصفحة ٥٨
الراجع وإضمار المشركين من غير ذكر لدلالة المساق عليهم وهو مبتدأ خبره على الأول * (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) * بإضمار القول * (إن الله يحكم بينهم) * وهو متعين على الثاني وعلى هذا يكون القول المضمر بما في حيزه حالا أو بدلا من الصلة و * (زلفى) * مصدر أو حال وقرئ قالوا ما نعبدهم وما نعبدكم إلا ليقربونا إلى الله حكاية لما خاطبوا به آلهتهم و * (نعبدهم) * بضم النون اتباعا * (فيما هم فيه يختلفون) * من الدين بإدخال المحق الجنة والمبطل النار والضمير للكفرة ومقابليهم وقيل لهم ولمعبوديهم فإنهم لا يرجون شفاعتهم وهم يلعنونها * (إن الله لا يهدي) * لا يوفق للاهتداء إلى الحق * (من هو كاذب كفار) * فإنهما فاقدا البصيرة * (لو أراد الله أن يتخذ ولدا) * كما زعموا * (لاصطفى مما يخلق ما يشاء) * إذ لا موجود سواه إلا هو مخلوقه لقيام الدلالة على امتناع وجود واجبين ووجوب استناد ما عدا الواجب إليه ومن البين ان المخلوق لا يماثل الخالق فيقوم مقام الوالد ثم له قرر ذلك بقوله * (سبحانه هو الله الواحد القهار) * فإن الألوهية الحقيقية تتبع الوجوب المستلزم للواحدة الذاتية وهي تنافي المماثلة فضلا عن التوالد لأن كل واحد من المثلين مركب من الحقيقة المشتركة والتعين المخصوص والقهارية المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد ثم استدل على ذلك بقوله * (خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) * يغشى كل واحد منهما الآخر كأنه يلفه عليه لف اللباس باللابس أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفافة أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة * (وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) * هو منتهى دوره أو منقطع حركته * (إلا هو العزيز) * القادر على كل ممكن الغالب على كل شيء * (الغفار) * حيث لم يعاجل بالعقوبة وسلب ما في هذه الصنائع من الرحمة وعموم المنفعة * (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها) * استدلال آخر بما أوجده في العالم السفلي مبدوء به من خلق الإنسان لأنه أقرب وأكثر دلالة وأعجب وفيه على ما ذكره ثلاث
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»