تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٥ - الصفحة ٦١
فمن تعسر عليه التوفر على الإحسان في وطنه فليهاجر إلى حيث يتمكن منه * (إنما يوفى الصابرون) * على المشاق الطاعات من احتمال البلاء ومهاجرة الأوطان لها * (أجرهم بغير حساب) * أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب وفي الحديث إنه ينصب الموازين يوم القيامة لأهل الصلاة والصدقة والحج فيوفون بها أجورهم ولا ينصب لأهل البلاء بل يصب يوم القيامة عليهم الأجر صبا حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل * (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين) * موحدا له * (وأمرت لأن أكون أول المسلمين) * وأمرت بذلك لأجل أن أكون مقدمهم في الدنيا والآخرة لأن قصب السبق في الدين بالإخلاص أو لأنه أول من أسلم وجهه لله من قريش ومن دان بدينهم والعطف لمغايرة الثاني الأول بتقييده بالعلة والإشعار بأن العبادة المقرونة بالإخلاص وإن اقتضت لذاتها أن يؤمر بها فهي أيضا تقتضيه لما يلزمها من السبق في الدين ويجوز أن تجعل اللام مزيدة كما في أردت لأن أفعل فيكون أمر بالتقدم في الإخلاص والبدء بنفسه في الدعاء إليه بعد الأمر به * (قل إني أخاف إن عصيت ربي) * بترك الإخلاص والميل إلى ما أنتم عليه من الشرك والرياء * (عذاب يوم عظيم) * لعظمة ما فيه * (قل الله أعبد مخلصا له ديني) * أمر بالإخبار عن إخلاصه وأن يكون مخلصا له دينه بعد الأمر بالإخبار عن كونه مأمورا بالعبادة والإخلاص خائفا عن المخالفة من العقاب قطعا لأطماعهم ولذلك رتب عليه قوله
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»