تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٦
تبدل أحيازها وأوضاعها لامتناع اختصاص كل منها لذاته أو لشيء من لوازمه بحيز ووضع معينين * (وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم) * من كل صنف كثير المنفعة وكأنه استدل بذلك على عزته التي هي كمال القدرة وحكمته التي هي كمال العلم ومهد به قاعدة التوحيد وقررها بقوله * (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه) * هذا الذي ذكر مخلوقه فماذا خلق آلهتكم حتى استحقوا مشاركته و * (ماذا) * نصب ب * (خلق) * أو ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا بصلته * (فأروني) * معلق عنه * (بل الظالمون في ضلال مبين) * إضراب عن تبكيتهم إلى التسجيل عليهم بالضلال الذي لا يخفى على ناظر ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنهم ظالمون بإشراكهم * (ولقد آتينا لقمان الحكمة) * يعني لقمان بن باعوراء من أولاد آزر ابن أخت أيوب أو خالته وعاش حتى أدرك داود صلى الله عليه وسلم وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه والجمهور على أنه كان حكيما ولك يكن نبيا والحكمة في عرف العلماء استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها ومن حكمته أنه صحب داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكم وقليل فاعله وأن داود صلى الله عليه وسلم قال له يوما كيف أصبحت فقال أصبحت في يدي غيري فتفكر داود فيه فصعق صعقة وأنه أمره بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ثم بعد أيام أمره بأن يأتي بأخبث مضغتين منها فأتى بهما أيضا فسأله عن ذلك فقال هما أطيب شيء إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا * (أن اشكر لله) * لأن أشكر أو أي أشكر فإن إيتاء الحكمة في معنى القول * (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه) * لأن نفعه عائد إليهما وهو دوام النعمة واستحقاق مزيدها * (ومن كفر فإن الله غني) * لا يحتاج إلى الشكر * (حميد) * حقيق بالحمد وإن لم يحمد أو محمود ينطق بحمده جميع مخلوقات بلسان الحال
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»