فقال: [لا (1)] لا يهاج القرآن اليوم. قال أبو بكر: ومعنى هذا أنه رجع إلى ما في المصحف وعلم أنه هو الصواب، وأبطل الذي كان فرط من قوله. والمنضود المتراكب الذي [قد (1) نضد أوله وآخره بالحمل، ليست له سوق بارزة بل هو مرصوص، والنضد هو الرص والمنضد المرصوص، قال النابغة:
خلت سبيل أتى كان يحبسه * ورفعته إلى السجفين فالنضد وقال مسروق: أشجار الجنة من عروقها إلى أفنانها نضيدة ثمر كله، كلما أكل ثمرة عاد مكانها أحسن منها.
قوله تعالى: (وظل ممدود) أي دائم باق لا يزول ولا تنسخه الشمس، كقوله تعالى: (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا) وذلك بالغداة وهي ما بين الاسفار إلى طلوع الشمس حسب ما تقدم بيانه هناك (2). والجنة كلها ظل لا شمس معه.
قال الربيع بن أنس: يعني ظل العرش. وقال عمرو بن ميمون: مسيرة سبعين ألف سنة.
وقال أبو عبيدة: تقول العرب للدهر الطويل والعمر الطويل والشئ الذي لا ينقطع ممدود، وقال لبيد:
غلب العزاء وكنت غير مغلب * دهر طويل دائم ممدود وفي صحيح الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وفي الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها واقرؤوا إن شئتم (وظل ممدود). (وماء مسكوب) أي جار لا ينقطع وأصل السكب الصب، يقال: سكبه سكبا، والسكوب انصبابه، يقال: سكب سكوبا، وانسكب انسكابا، أي وماء مصبوب يجرى الليل والنهار في غير أخدود لا ينقطع عنهم. وكانت العرب أصحاب بادية وبلاد حارة، وكانت الأنهار في بلادهم عزيزة لا يصلون إلى الماء إلا بالدلو والرشاء فوعدوا في الجنة خلاف ذلك، ووصف لهم أسباب النزهة المعروفة في الدنيا، وهي الأشجار وظلالها، والمياه والأنهار واطرادها.