وقيل: مقرطون يعني ممنطقون من المناطق. وقال عكرمة: (مخلدون) منعمون. وقيل:
على سن واحدة أنشأهم الله لأهل الجنة يطوفون عليهم كما شاء من غير ولادة. وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه والحسن البصري: الولدان ها هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة. وقال سلمان الفارسي: أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة. قال الحسن: لم يكن لهم حسنات يجزون بها، ولا سيئات يعاقبون عليها، فوضعوا في هذا الموضع.
والمقصود: أن أهل الجنة على أتم السرور والنعمة، والنعمة إنما تتم باحتفاف الخدم والولدان بالانسان. (بأكواب وأباريق) أكواب جمع كوب وقد مضى في (الزخرف (1)) وهي الآنية التي لا عرى لها ولا خراطيم، والأباريق التي لها عرى وخراطيم واحدها إبريق، سمي بذلك لأنه يبرق لونه من صفائه. (وكأس من معين) مضى في (والصافات (2)) القول فيه. والمعين الجاري من ماء أو خمر، غير أن المراد في هذا الموضع الخمر الجارية من العيون. وقيل:
الظاهرة للعيون فيكون (معين) مفعولا من المعاينة. وقيل: هو فعيل من المعن وهو الكثرة.
وبين أنها ليست كخمر الدنيا التي تستخرج بعصر وتكلف ومعالجة.
قوله تعالى: (لا يصدعون عنها) أي لا تنصدع رؤوسهم من شربها، أي إنها لذة بلا أذى بخلاف شراب الدنيا. (ولا ينزفون) تقدم في (والصافات) أي لا يسكرون فتذهب عقولهم. وقرأ مجاهد: (لا يصدعون) بمعنى لا يتصدعون أي لا يتفرقون، كقوله تعالى: (يومئذ (3) يصدعون). وقرأ أهل الكوفة (ينزفون) بكسر الزاي، أي لا ينفد شرابهم ولا تقنى خمرهم، ومنه قول الشاعر (4):
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم * لبئس الندامى كنتم آل أبجرا