انصدعت الخيمة عن باب ليعلم ولي الله أن أبصار المخلوقين من الملائكة والخدم لم تأخذها، فهي مقصورة قد قصر بها عن أبصار المخلوقين. والله أعلم. وقال في الأوليين: (فيهن قاصرات الطرف) قصرن طرفهن على الأزواج ولم يذكر أنهن مقصورات، فدل على أن المقصورات أعلى وأفضل. وقال مجاهد: (مقصورات) قد قصرن على أزواجهن فلا يردن بذلا منهم. وفي الصحاح: وقصرت الشئ أقصره قصرا حبسته، ومنه مقصورة الجامع، وقصرت الشئ على كذا إذا لم تجاوز إلى غيره، وامرأة قصيرة وقصورة أي مقصورة في البيت لا تترك أن تخرج، قال كثير:
وأنت التي حببت كل قصيرة * إلي وما تدري بذاك القصائر عنيت قصيرات الحجال ولم أرد * قصار الخطا شر النساء البحاتر (1) وأنشده الفراء قصورة، ذكره ابن السكيت. وروى أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(مررت ليلة أسري بي في الجنة بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت منه السلام عليك يا رسول الله فقلت: يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء جوار من الحور العين استأذن ربهن في أن يسلمن عليك فأذن لهن فقلن نحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن الناعمات فلا نبؤس أبدا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا أزواج رجال كرام) ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم (حور مقصورات في الخيام) أي محبوسات حبس صيانة وتكرمة. وروي عن أسماء بنت يزيد (2) الأشهلية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم وحوامل أولادكم، فهل نشارككم في الاجر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم إذا أحسنتن (3) تبعل أزواجكن وطلبتن مرضاتهم).
قوله تعالى: (لم يطمثهن) أي لم يمسسهن على ما تقدم قبل. وقراءة العامة (يطمثهن) بكسر الميم. وقرأ أبو حياة الشامي وطلحة بن مصرف والأعرج والشيرازي عن الكسائي