قوله تعالى: (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) اختلف في السائق والشهيد، فقال ابن عباس: السائق من الملائكة والشهيد من أنفسهم الأيدي والأرجل، رواه العوفي عن ابن عباس. وقال أبو هريرة: السائق الملك والشهيد العمل. وقال الحسن وقتادة:
المعنى سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها بعملها. وقال ابن مسلم: السائق قرينها من الشياطين سمي سائقا لأنه يتبعها وإن لم يحثها. وقال مجاهد: السائق والشهيد ملكان. وعن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أنه قال وهو على المنبر: (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) سائق: ملك يسوقها إلى أمر الله، وشهيد: يشهد عليها بعملها.
قلت: هذا أصح فإن في حديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله عز وجل له إن الله لا اله غيره إذا أراد خلقه قال للملك اكتب رزقه وأثره وأجله واكتبه شقيا أو سعيدا ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله ملكا أخر فيحفظه حتى يدرك ثم يبعث الله ملكين يكتبان حسناته وسيئاته فإذا جاءه الموت أرتفع ذلك (1) الملكان ثم جاء ملك الموت عليه السلام فيقبض روحه فإذا أو دخل حفرته رد الروح في جسده ثم يرتفع ملك الموت ثم جاءه ملكا القبر فامتحناه ثم يرتفعان فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات فأنشطا (2) كتابا معقودا في عنقه ثم حضرا معه واحد سائق والآخر شهيد ثم قال الله تعالى: (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتركبن طبقا عن طبق قال: (حالا بعد حال) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قدامكم أمرا عظيما فاستعينوا بالله العظيم) خرجه أبو نعيم الحافظ من حديث جعفر بن محمد بن علي عن جابر وقال فيه: هذا حديث غريب من حديث جعفر، وحديث جابر تفرد به عنه جابر الجعفي وعنه المفضل. ثم في الآية قولان: أحدهما أنها عامة في المسلم والكافر وهو قول الجمهور.
الثاني أنها خاصة في الكافر، قاله الضحاك.