عن الصحابة فلا معنى للاشتغال بما خالفهما، لان ما خالفهما لا أصل له في السنة ولا في قول الصحابة، وما خرج عن هذين فمتروك لهما. وقد روى عن قتادة قول سادس، وهو أن الأضحى يوم النحر وستة أيام بعده، وهذا أيضا خارج عن قول الصحابة فلا معنى له.
السادسة - واختلفوا في ليالي النحر هل تدخل مع الأيام فيجوز فيها الذبح أولا، فروى عن مالك في المشهور أنها لا تدخل فلا بجوز الذبح بالليل. وعليه جمهور أصحابه وأصحاب الرأي، لقوله تعالى: " ويذكروا اسم الله في أيام " فذكر الأيام، وذكر الأيام دليل على أن الذبح في الليل لا يجوز. وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور:
الليالي داخلة في الأيام ويجزى الذبح فيها. وروى عن مالك وأشهب نحوه، ولأشهب تفريق بين الهدى والضحية، فأجاز الهدى ليلا ولم يجز الضحية ليلا.
السابعة - قوله تعالى: " على ما رزقهم " أي على ذبح ما رزقهم. (من بهيمة الأنعام ) والانعام هنا الإبل والبقر والغنم. وبهيمة الانعام هي الانعام، فهو كقولك صلاة الأولى، ومسجد الجامع.
الثامنة - (فكلوا منها) أمر معناه الندب عند الجمهور. ويستحب للرجل أن يأكل من هديه وأضحيته وأن يتصدق بالأكثر، مع تجويزهم الصدقة بالكل وأكل الكل.
وشذت طائفة فأوجبت الاكل والاطعام بظاهر الآية (1)، ولقوله عليه السلام: (فكلوا وادخروا وتصدقوا). قال الكيا: قوله تعالى " فكلوا منها وأطعموا " يدل على أنه لا يجوز بيع جميعه ولا التصدق بجميعه.
التاسعة - دماء الكفارات لا يأكل منها أصحابها. ومشهور مذهب مالك رضي الله عنه أنه لا يأكل من ثلاث: جزاء الصيد، ونذر المساكين وفدية الأذى، ويأكل مما سوى ذلك إذا بلغ محله، واجبا كان أو تطوعا. ووافقه على ذلك جماعة من السلف وفقهاء الأمصار.
العاشرة - فإن أكل مما منع منه فهل يغرم قدر ما أكل أو يغرم هديا كاملا، قولان في مذهبنا، وبالأول قال ابن الماجشون. قال ابن العربي: وهو الحق، لا شئ عليه غيره.