الخامسة - قوله تعالى: (وبشر المحسنين) روى أنها نزلت في الخلفاء الأربعة، حسبما تقدم في الآية التي قبلها. فأما ظاهر اللفظ فيقتضى العموم في كل محسن.
قوله تعالى: إن الله يدفع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور (38) روى أنها نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويغتال ويغدر ويحتال، فنزلت هذه الآية إلى قوله: " كفور ". فوعد فيها سبحانه بالمدافعة ونهى أفصح نهى عن الخيانة والغدر. وقد مضى في " الأنفال " (1) التشديد في الغدر، وأنه (ينصب للغادر لواء عند استه بقدر غدرته يقال هذه غدرة فلان) (2). وقيل: المعنى يدفع عن المؤمنين بأن يديم توفيقهم حتى يتمكن الايمان من قلوبهم، فلا تقدر الكفار على إمالتهم عن دينهم، وإن جرى إكراه فيعصمهم حتى لا يرتدوا بقلوبهم. وقيل: يدفع عن المؤمنين بإعلائهم بالحجة. ثم قتل كافر مؤمنا نادر، وإن فيدفع الله عن ذلك المؤمن بأن قبضه إلى رحمته. وقرأ نافع " يدافع " " ولولا دفاع ". وقرأ أبو عمرو وابن كثير " يدفع " " ولولا دفع ". وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " يدافع " " ولولا دفع الله ". ويدافع بمعنى يدفع، مثل عاقبت اللص، وعافاه الله، والمصدر دفعا. حكى الزهراوي أن " دفاعا " مصدر دفع، كحسب حسابا.
قوله تعالى: أذن للذين يقتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: " أذن للذين يقاتلون " قيل: هذا بيان قوله: " إن الله يدافع عن الذين آمنوا " أي يدفع عنهم غوائل الكفار بأن يبيح لهم القتال وينصرهم، وفيه إضمار، أي