الباقون بالنصب نسقا على قوله: " ما في الأرض ". (ويمسك السماء إن تقع على الأرض) أي كراهية أن تقع. وقال الكوفيون: لئلا تقع. وإمساكه لها خلق السكون فيها حالا بعد حال. (إلا بإذنه) أي إلا بإذن الله لها بالوقوع، فتقع بإذنه، أي بإرادته وتخليته (1).
(إن الله بالناس لرءوف رحيم) أي في هذه الأشياء التي سخرها لهم.
قوله تعالى: وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الانسان لكفور (66) قوله تعالى: (وهو الذي أحياكم) أي بعد أن كنتم نطفا. (ثم يميتكم) عند انقضاء آجالكم. (ثم يحييكم) أي للحساب والثواب والعقاب. (إن الانسان لكفور) أي لجحود لما ظهر من الآيات الدالة على قدرته ووحدانيته. قال ابن عباس: يريد الأسود ابن عبد الأسد وأبا جهل بن هشام والعاص بن هشام وجماعة من المشركين. وقيل: إنما قال ذلك لان الغالب على الانسان كفر النعم، كما قال تعالى: " وقليل من عبادي الشكور (2) " [سبأ: 13].
قوله تعالى: لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينزعنك في الامر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم (67) قوله تعالى: (لكل أمة جعلنا منسكا) أي شرعا. (هم ناسكوه) أي عاملون به.
(فلا ينازعنك في الامر) أي لا ينازعنك أحد منهم فيما يشرع لأمتك، فقد كانت الشرائع في كل عصر. وروت فرقة أن هذه الآية نزلت بسبب جدال الكفار في أمر الذبائح، وقولهم للمؤمنين: تأكلون ما ذبحتم ولا تأكلون ما ذبح الله من الميتة، فكان ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم أنتم بسكاكينكم، فنزلت الآية بسبب هذه المنازعة. وقد مضى هذا في " الانعام (3) " والحمد لله. وقد تقدم في هذه السورة ما للعلماء في قوله تعالى: " منسكا (4) " [الحج: 34].
وقوله: " هم ناسكوه " يعطى أن المنسك المصدر، ولو كان الموضع لقال هم ناسكون فيه.