والرخصة سمعهما جميعا فعمل بمقتضاهما. والله أعلم. وسيأتي في سورة " الكوثر " (1) الاختلاف في وجوب الأضحية وندبيتها وأنها ناسخة لكل ذبح تقدم، إن شاء الله تعالى.
التاسعة عشرة - قوله تعالى: (وأطعموا البائس الفقير) " الفقير " من صفة البائس، وهو الذي ناله البؤس وشدة الفقر، يقال: بئس يبأس بأسا إذا افتقر، فهو بائس.
وقد يستعمل فيمن نزلت به نازلة دهر وإن لم يكن فقيرا، ومنه قوله عليه السلام: (لكن البائس سعد (2) بن خولة). ويقال رجل بئيس أي شديد. وقد بؤس يبؤس بأسا إذ اشتد، ومنه قوله تعالى: " وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس " (3) [الأعراف: 165] أي شديد. وكلما كان التصدق بلحم الأضحية أكثر كان الاجر أوفر. وفي القدر الذي يجوز أكله خلاف قد ذكرناه، فقيل.
النصف، لقوله: " فكلوا، وأطعموا " وقيل: الثلثان، لقوله: (ألا فكلوا وادخروا وأتجروا) أي اطلبوا الاجر بالاطعام. واختلف في الاكل والاطعام، فقيل: واجبان.
وقيل مستحبان. وقيل: بالفرق بين الاكل والاطعام، فالاكل مستحب والاطعام واجب، وهو قول الشافعي.
الموفية عشرين - قوله تعالى: (ثم ليقضوا تفثهم) أي ثم ليقضوا بعد نحر الضحايا والهدايا ما بقى عليهم من أمر الحج، كالحلق ورمى الجمار وإزالة شعث ونحوه. قال ابن عرفة:
أي ليزيلوا عنهم أدرانهم. وقال الأزهري: التفث الاخذ من الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، وهذا عند الخروج من الاحرام. وقال النضر بن شميل: التفث في كلام العرب إذهاب الشعث، وسمعت الأزهري يقول: التفث في كلام العرب لا يعرف إلا من قول ابن عباس وأهل التفسير. وقال الحسن: هو إزالة قشف الاحرام. وقيل:
التفث مناسك الحج كلها، رواه ابن عمر وابن عباس. قال ابن العربي: لو صح عنهما لكان حجة لشرف الصحبة والإحاطة باللغة، قال: وهذه اللفظة غريبة لم يجد أهل العربية فيها شعرا ولا أحاطوا بها خبرا، لكني تتبعت التفث لغة فرأيت أبا عبيدة معمر بن المثنى قال: