الزجاج: هذه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ودل الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا، أي كلوا من الحلال. وقال الطبري: الخطاب لعيسى عليه السلام، روى أنه كان يأكل من غزل أمه. والمشهور عنه أنه كان يأكل من بقل البرية. ووجه خطابه لعيسى ما ذكرناه من تقديره لمحمد صلى الله عليه وسلم تشريفا له. وقيل: إن هذه المقالة خوطب بها كل نبي، لان هذه طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها. فيكون المعنى: وقلنا يا أيها الرسل كلوا من الطيبات، كما تقول لتاجر: يا تجار ينبغي أن تجتنبوا الربا، فأنت تخاطبه بالمعنى.
وقد اقترن بذلك أن هذه المقالة تصلح لجميع صنفه، فلم يخاطبوا قط مجتمعين صلوات الله عليهم أجمعين، وإنما خوطب كل واحد في عصره. قال الفراء: هو كما تقول للرجل الواحد، كفوا عنا أذاكم.
الثالثة - سوى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى: " إني بما تعملون عليم " صلى الله على رسله وأنبيائه. وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم. وقد مضى القول في الطيبات والرزق في غير موضع (1)، والحمد لله. وفي قوله عليه السلام (يمد يديه) دليل على مشروعية مد اليدين عند الدعاء إلى السماء، وقد مضى الخلاف في هذا والكلام فيه والحمد لله (2). وقوله عليه السلام (فأنى يستجاب لذلك) على جهة الاستبعاد، أي أنه ليس أهلا لإجابة دعائه لكن يجوز أن يستجيب الله له تفضلا ولطفا وكرما.
قوله تعالى: وإن هذه أمتكم أمة وحدة وأنا ربكم فاتقون (52) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما فرحون (53) فذرهم في غمرتهم حتى حين (54)