الرابعة - وأما أهل البوادي ومن لا أمام له فمشهور مذهب مالك [أنه] (1) يتحرى وقت ذبح الامام، أو أقرب الأئمة إليه. وقال ربيعة وعطاء فيمن لا إمام له: إن ذبح قبل طلوع الشمس لم يجزه، ويجزيه إن ذبح بعده. وقال أهل الرأي يجزيهم من بعد الفجر. وهو قول ابن المبارك، ذكره عنه الترمذي. وتمسكوا بقوله تعالى: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ". فأضاف النحر إلى اليوم. وهل اليوم من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس، قولان. ولا خلاف أنه لا يجزى ذبح الأضحية قبل طلوع الفجر من يوم النحر.
الخامسة - واختلفوا كم أيام النحر؟ فقال مالك: ثلاثة، يوم النحر ويومان بعده.
وبه قال أبو حنيفة والثوري وأحمد بن حنبل، وروى ذلك عن أبي هريرة وأنس بن مالك من غير اختلاف عنهما. وقال الشافعي: أربعة، يوم النحر وثلاثة بعده. وبه قال الأوزاعي، وروى ذلك عن علي رضي الله عنه وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وروى عنهم أيضا مثل قول مالك وأحمد. وقيل: هو يوم النحر خاصة وهو العاشر من ذي الحجة، وروى عن ابن سيرين. وعن سعيد بن جبير وجابر بن زيد أنهما قالا: النحر في الأمصار يوم واحد وفي منى ثلاثة أيام. وعن الحسن البصري في ذلك ثلاث روايات: إحداها كما قال مالك، والثانية كما قال الشافعي، والثالثة إلى آخر يوم من ذي الحجة، فإذا أهل هلال المحرم فلا أضحى.
قلت: وهو قول سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ورويا حديثا مرسلا مرفوعا خرجه الدارقطني: الضحايا إلى هلال ذي الحجة، ولم يصح، ودليلنا قوله تعالى:
" في أيام معلومات " الآية، وهذا جمع قلة، لكن المتيقن منه الثلاثة، وما بعد الثلاثة غير متيقن فلا يعمل به. قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن يوم النحر يوم أضحى، وأجمعوا على أن لا أضحى بعد انسلاخ ذي الحجة، ولا يصح عندي في هذا إلا قولان: أحدهما - قول مالك والكوفيين. والاخر - قول الشافعي والشاميين، وهذان القولان مرويان