أذن للذين يصلحون للقتال في القتال، فحذف لدلالة الكلام على المحذوف. وقال الضحاك:
استأذن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الكفار إذ آذوهم بمكة، فأنزل الله " إن الله لا يحب كل خوان كفور " فلما هاجر نزلت " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ". وهذا ناسخ لكل ما في القرآن من إعراض وترك صفح (1). وهي أول آية نزلت في القتال (2). قال ابن عباس وابن جبير: نزلت عند هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وروى النسائي والترمذي عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر:
أخرجوا نبيهم ليهلكن، فأنزل الله تعالى " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " فقال أبو بكر: لقد علمت أنه سيكون قتال. فقال: هذا حديث حسن. وقد روى غير واحد عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير مرسلا، وليس فيه: عن ابن عباس.
الثانية - في هذه الآية دليل على أن الإباحة من الشرع، خلافا للمعتزلة، لان قوله:
" أذن " معناه أبيح، وهو لفظ موضوع في اللغة لإباحة كل ممنوع. وقد تقدم هذا المعنى في " البقرة " وغير موضع. وقرئ " أذن " بفتح الهمزة، أي أذن الله. " يقاتلون " بكسر التاء أي يقاتلون عدوهم. وقرئ " يقاتلون " بفتح التاء، أي يقاتلهم المشركون وهم المؤمنون.
ولهذا قال: " بأنهم ظلموا " أي أخرجوا من ديارهم.
قوله تعالى: الذين أخرجوا من ديرهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوت ومسجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40)