الله، كما حكى الله تعالى عنهم، ورد عليهم في هذه السورة بقوله: " ألكم الذكر وله الأنثى " (1) فأنكر الله كل هذا من قولهم. ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح، فلما تأوله المشركون على أن المراد بهذا الذكر آلهتهم ولبس عليهم الشيطان بذلك، نسخ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته، ورفع تلاوة تلك اللفظتين اللتين وجد الشيطان بهما سبيلا للتلبيس، كما نسخ كثير من القرآن، ورفعت تلاوته. قال القشيري: وهذا غير سديد، لقوله: " فينسخ الله ما يلقى الشيطان " أي يبطله، وشفاعة الملائكة غير باطلة. (والله عليم حكيم) " عليم " بما أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. " حكيم " في خلقه.
قوله تعالى: (ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة) أي ضلالة. (للذين في قلوبهم مرض) أي شرك ونفاق. (والقاسية قلوبهم) فلا تلين لأمر الله تعالى. قال الثعلبي: وفي الآية دليل على أن الأنبياء يجوز عليهم السهو والنسيان والغلط بوسواس الشيطان أو عند شغل القلب حتى يغلط، ثم ينبه ويرجع إلى الصحيح، وهو معنى قوله: " فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته ". ولكن إنما يكون الغلط على حسب ما يغلط أحدنا، فأما ما يضاف إليه من قولهم: تلك الغرانيق العلا، فكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، لان فيه تعظيم الأصنام، ولا يجوز ذلك على الأنبياء، كما لا يجوز أن يقرأ بعض القرآن ثم ينشد شعرا ويقول: غلطت وظننته قرآنا. (وإن الظالمين لفي شقاق بعيد) أي الكافرين لفي خلاف وعصيان ومشاقة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم في " البقرة (2) " والحمد لله وحده.
قوله تعالى: وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم (54)