أجره على الله " (1) [النساء: 100]، وبحديث أم حرام، فإنها صرعت عن دابتها فماتت ولم تقتل فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أنت من الأولين)، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله ابن عتيك: (من خرج من بيته مهاجرا في سبيل الله فخر عن دابته فمات أو لدغته حية فمات أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله ومن مات قعصا (2) فقد استوجب المآب).
وذكر ابن المبارك عن فضالة بن عبيد في حديث ذكر فيه رجلين أحدهما أصيب في غزاة بمنجنيق فمات والاخر مات هناك، فجلس فضالة عند الميت فقيل له: تركت الشهيد ولم تجلس عنده؟ فقال: ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت، ثم تلا قوله تعالى: " والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا " الآية كلها. وقال سليمان بن عامر: كان فضالة برودس أميرا على الأرباع فخرج بجنازتي رجلين: أحدهما قتيل والاخر متوفى، فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته، فقال: أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل! فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت، اقرأوا قوله تعالى: " والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ". كذا ذكره الثعلبي في تفسيره، وهو معنى ما ذكره ابن المبارك. واحتج من قال:
إن للمقتول زيادة فضل بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الجهاد أفضل؟ قال: (من أهريق دمه وعقر جواده). وإذا كان من أهريق دمه وعقر جواده أفضل الشهداء علم أنه من لم يكن بتلك الصفة مفضول. قرأ ابن عامر وأهل الشام: " قتلوا " بالتشديد على التكثير. الباقون بالتخفيف. (ليدخلنهم مدخلا يرضونه) أي الجنان.
قراءة أهل المدينة " مدخلا " بفتح الميم، أي دخولا. وضمها الباقون، وقد مضى في " سبحان (3) ". (وإن الله لعليم حليم) قال ابن عباس: عليم بنياتهم، حليم عن عقابهم.
قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور (60)