في كل مسجد. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالايمان) إن الله تعالى يقول: " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ") [التوبة: 18]. وقد تقدم.
السادسة: وتصان (1) المساجد أيضا عن البيع والشراء وجميع الاشتغال، لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي دعا إلى الجمل الأحمر (2): (لا وجد ت إنما بنيت المساجد لما بنيت له). أخرجه مسلم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى قام رجل فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له). وهذا يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن. وكذا جاء مفسرا من حديث أنس قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه دعوه) (3).
فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشئ من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن).
أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه (4) عليه. خرجه مسلم. ومما يدل على هذا من الكتاب قول الحق: " ويذكر فيها اسمه ". وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمي: (إن هذه المساجد (5) لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن). أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث بطوله خرجه مسلم في صحيحه، وحسبك وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صوت رجل في المسجد فقال: ما هذا الصوت؟ أتدري أين أنت! وكان خلف بن أيوب جالسا في مسجده فأتاه غلامه يسأله عن شئ فقام وخرج من المسجد وأجابه، فقيل له في ذلك فقال: ما تكلمت في المسجد بكلام الدنيا منذ كذا وكذا، فكرهت أن أتكلم اليوم.