لم يبنها إلا نبي: الكعبة وبيت أريحا ومسجد المدينة ومسجد قباء، قاله ابن بريدة. وقد تقدم ذلك في " براءة ".
قلت - الأظهر القول الأول، لما رواه أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب الله عز وجل فليحبني ومن أحبني فليحب أصحابي ومن أحب أصحابي فليحب القرآن ومن أحب القرآن فليحب المساجد فإنها أفنية الله أبنيته أذن الله في رفعها وبارك فيها ميمونة ميمون أهلها محفوظة محفوظ أهلها هم في صلاتهم والله عز وجل في حوائجهم هم في مساجدهم والله من ورائهم).
الثانية - قوله تعالى (أذن الله أن ترفع) " أذن " معناه أمر وقضى. وحقيقة الاذن العلم والتمكين دون حظر، فإن اقترن بذلك أمر وإنقاذ كان أقوى. و " ترفع " قيل: معناه تبنى وتعلى، قاله مجاهد وعكرمة. ومنه قوله تعالى: " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت " (2) [البقرة: 127] وقال صلى الله عليه وسلم: (من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة). وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تحض على بنيان المساجد. وقال الحسن البصري وغيره: معنى " ترفع " تعظم، ويرفع شأنها، وتطهر من الأنجاس والأقذار، ففي الحديث (إن المسجد لينزوي من النجاسة كما ينزوي الجلد من النار). وروى ابن ماجة في سننه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله: (من أخرج أذى من المسجد بنى الله له بيتا في الجنة).
وروي عن عائشة قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتخذ المساجد في الدور وأن تطهر وتطيب.
الثالثة - إذا قلنا: إن المراد بنيانها فهل تزين وتنقش؟ اختلف في ذلك، فكرهه قوم وأباحه آخرون. فروى حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس، وقتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد).
أخرجه أبو داود. وفي البخاري - وقال أنس: (يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلا). وقال