وقد ذهب داود وأصحابه إلى أن ذلك على الوجوب، وهذا باطل، ولو كان الامر على ما قالوه لحرم دخول المسجد على المحدث الحدث الأصغر حتى يتوضأ، ولا قائل به فيما أعلم، والله أعلم. فإن قيل: فقد روى إبراهيم بن يزيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين وإذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين فإن الله جاعل من ركعتيه في بيته خيرا)، وهذا يقتضى التسوية بين المسجد والبيت. قيل [له] (1):
هذه الزيادة في الركوع عند دخول البيت لا أصل لها، قال ذلك البخاري. وإنما يصح في هذا حديث أبي قتادة الذي تقدم لمسلم، وإبراهيم هذا لا أعلم روى عنه إلا سعد ابن عبد الحميد، ولا أعلم له إلا هذا الحديث الواحد، قاله أبو محمد عبد الحق.
الثانية عشرة - روى سعيد بن زبان حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أبي هند رضي الله عنه قال: حمل تميم - يعنى الداري - من الشام إلى المدينة قناديل وزيتا ومقطا، فلما انتهى إلى المدينة وافق ذلك ليلة الجمعة فأمر غلاما يقال له أبو البزاد فقام فنشط (2) المقط وعلق القناديل وصب فيها الماء والزيت وجحل فيها الفتيل، فلما غربت الشمس أمر أبا البزاد فأسرجها، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا هو بها تزهر، فقال: (من فعل هذا)؟ قالوا: تميم الداري يا رسول الله، فقال: (نورت الاسلام نور الله عليك في الدنيا والآخرة أما إنه لو كانت لي ابنة لزوجتكها). قال نوفل بن الحارث: لي ابنة يا رسول الله تسمى المغيرة بنت نوفل فافعل بها ما أردت، فأنكحه إياها. زبان (بفتح الزاي والباء وتشديدها بنقطة واحدة من تحتها) ينفرد بالتسمي به سعيد وحده، فهو أبو عثمان سعيد بن زبان ابن قائد بن زبان بن أبي هند، وأبو هند هذا مولى بنى (3) بياضة حجام النبي صلى الله عليه وسلم.
والمقط: جمع المقاط، وهو الحبل، فكأنه مقلوب القماط. والله أعلم. وروى ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال: أول من أسرج في المساجد تميم الداري. وروي عن أنس أن النبي