ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. وروى الترمذي الحكيم أبو عبد الله في نوادر الأصول من حديث أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدبار عليكم). احتج من أباح ذلك بأن فيه تعظيم المساجد والله تعالى أمر بتعظيمها في قوله: " في بيوت أذن الله أن ترفع " يعنى تعظم. وروي عن عثمان أنه بنى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالساج (1) وحسنه. قال أبو حنيفة: لا بأس بنقش المساجد بماء الذهب. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه نقش مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبالغ في عمارته وتزيينه، وذلك في زمن ولايته قبل خلافته، ولم ينكر عليه أحد ذلك.
وذكر أن الوليد بن عبد الملك أنفق في عمارة مسجد دمشق وفي تزيينه مثل خراج الشام ثلاث مرات. وروي أن سليمان بن داود عليهما [الصلاة و] (2) السلام بنى مسجد بيت المقدس وبالغ في تزيينه.
الرابعة - ومما تصان عنه المساجد وتنزه عنه الروائح الكريهة والأقوال السيئة وغير ذلك على ما نبينه، وذلك من تعظيمها. وقد صح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك: (من أكل من هذه الشجرة - يعنى الثوم - فلا يأتين المساجد). وفي حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه سلم قال: (من أكل من هذه البقلة الثوم) وقال مرة: (من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبته:
(ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين ولا أراهما إلا خبيثتين، هذا البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من رجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا. خرجه مسلم في صحيحه. قال العلماء: وإذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يتأذى به ففي القياس أن كل من تأذى به جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفيها عليهم، أو كان ذا رائحة قبيحة لا تريمه (3) لسوء صناعته، أو عاهة مؤذية كالجذاء