فيجوز أن يقال: لله تعالى نور من جهة المدح لأنه أوجد الأشياء ونور جميع الأشياء منه ابتداؤها وعنه صدورها وهو سبحانه ليس من الأضواء المدركة جل وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وقد قال هشام الجوالقي وطائفة من المجسمة: هو نور لا كالأنوار، وجسم لا كالأجسام.
وهذا كله محال على الله تعالى عقلا ونقلا على ما يعرف في موضعه من علم الكلام.
ثم إن قولهم متناقض، فإن قولهم جسم أو نور حكم عليه بحقيقة ذلك، وقولهم لا كالأنوار ولا كالأجسام نفي لما أثبتوه من الجسمية والنور، وذلك متناقض، وتحقيقه في علم الكلام. والذي أوقعهم في ذلك ظواهر اتبعوها منها هذه الآية، وقول عليه السلام إذا قام من الليل يتهجد (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض).
وقال عليه السلام وقد سئل: هل رأيت ربك؟ فقال: (رأيت نورا).
إلى غير ذلك من الأحاديث.
واختلف العلماء في تأويل هذه الآية، فقيل: المعنى أي به وبقدرته أنارت أضواؤها، واستقامت أمورها، وقامت مصنوعاتها.
فالكلام على التقريب للذهن، كما يقال: الملك نور أهل البلد، أي به قوام أمرها وصلاح جملتها، لجريان أموره على سنن السداد.
فهو في الملك مجاز، وهو في صفة الله حقيقة محضة، إذ هو الذي أبدع الموجودات وخلق العقل نورا هاديا، لان ظهور الموجود به حصل كما حصل بالضوء ظهور المبصرات، تبارك وتعالى لا رب غيره.
قال معناه مجاهد والزهري وغيرهما. قال ابن عرفة: أي منور السماوات والأرض.
وكذا قال الضحاك والقرظي. كما يقولون: فلان غياثنا، أي مغيثنا.
وفلان زادي، أي مزودي. قال جرير:
وأنت لنا نور وغيث وعصمة * ونبت لمن يرجو نداك وريق أي ذو ورق. وقال مجاهد: مدبر الا أمور في السماوات والأرض. أبي بن كعب والحسن وأبو العالية: مزين السماوات بالشمس والقمر والنجوم،