ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء والمؤمنين. وقال ابن عباس وأنس:
المعنى الله هادي أهل السماوات والأرض. والأول أعم للمعاني وأصح مع التأويل.
أي صفة دلائله التي يقذفها في قلب المؤمن، والدلائل تسمى نورا. وقد سمى الله تعالى كتابه نورا فقال: " وأنزلنا إليكم نورا مبينا " [النساء: 174] وسمى نبيه نورا فقال: " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين " [المائدة: 15].
وهذا لان الكتاب يهدي ويبين، وكذلك الرسول. ووجه الإضافة إلى الله تعالى أنه مثبت الدلالة ومبينها وواضعها. وتحتمل الآية معنى آخر ليس فيه مقابلة جزء من المثال بجزء من الممثل به، بل وقع التشبيه فيه جملة بجملة، وذلك أن يريد مثل نور الله الذي هو هداه وإتقانه صنعة كل مخلوق وبراهينه الساطعة على الجملة، كهذه الجملة من النور الذي تتخذونه أنتم على هذه الصفة، التي هي أبلغ صفات النور الذي بين أيدي الناس، فمثل نور الله في الوضوح كهذا الذي هو منتهاكم أيها البشر. والمشكاة: الكوة في الحائط غير النافذة، قال ابن جبير وجمهور المفسرين، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارة منه في غيرها، وأصلها الوعاء يجعل فيه الشئ.
والمشكاة وعاء من أدم كالدلو يبرد فيها الماء، وهو على وزن مفعلة كالمقراة والمصفاة. قال الشاعر:
كأن عينيه مشكاتان في حجر * قيضا اقتياضا بأطراف المناقير وقيل: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة. وقال مجاهد: هي القنديل.
وقال " في زجاجة " لأنه جسم شفاف، والمصباح فيه أنور منه في غير الزجاج.
والمصباح: الفتيل بناره أي في الإنارة والضوء. وذلك يحتمل معنيين: إما أن يريد أنها بالمصباح كذلك، وإما أن يريد أنها في نفسها لصفائها وجودة جوهرها كذلك. وهذا التأويل أبلغ في التعاون على النور.