فرجع هو وماله إلى السيد، فعادت إليه وضيعته وهي شبه الصدقة. وهذا قول عبد الله ابن عمر وعلى. وقال مجاهد: يترك له من كل نجم. قال ابن العربي: والأقوى عندي أن يكون في آخرها، لان الاسقاط أبدا إنما يكون في أخريات الديون.
الرابعة عشرة - المكاتب إذا بيع للعتق رضا منه بعد الكتابة وقبض بائعه ثمنه لم يجب عليه أن يعطيه من ثمنه شيئا، سواء باعه لعتق أو لغير عتق، وليس ذلك كالسيد يؤدي إليه مكاتب كتابته فيؤتيه منها، أو يضع عنه من آخره نجما أو ما شاء، على ما أمر الله به في كتابه لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر موالي بريرة بإعطائها مما قبضوا شيئا، وإن كانوا قد باعوها للعتق.
الخامسة عشرة - اختلفوا في صفة عقد الكتابة، فقال ابن خويزمنداد: صفتها أن يقول السيد لعبده كاتبتك على كذا وكذا من المال، في كذا وكذا نجما، إذا أديته فأنت حر.
أو يقول له أد إلى ألفا في عشرة أنجم وأنت حر. فيقول العبد قد قبلت ونحو ذلك من الألفاظ فمتى أداها عتق. وكذلك لو قال العبد كاتبني، فقال السيد قد فعلت، أو قد كاتبتك. قال ابن العربي: وهذا لا يلزم، لان لفظ القرآن لا يقتضيه والحال يشهد له، فإن ذكره فحسن، وإن تركه فهو معلوم لا يحتاج إليه. ومسائل هذا الباب وفروعه كثيرة، وقد ذكرنا من أصوله جملة، فيها لمن اقتصر عليها كفاية، والله الموفق للهداية.
السادسة عشرة - في ميراث المكاتب، واختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
فمذهب مالك أن المكاتب إذا هلك وترك مالا أكثر مما بقى عليه من كتابته وله ولد ولدوا في كتابته أو كاتب عليهم، ورثوا ما بقى من المال بعد قضاء كتابته، لان حكمهم كحكمه، وعليهم السعي فيما بقى من كتابته لو لم يخلف مالا، ولا يعتقون (1) إلا بعتقه، ولو أدى عنهم ما رجع بذلك عليهم، لأنهم يعتقون عليه، فهم أولى بميراثه لأنهم مساوون له في جميع حاله.
والقول الثاني - أنه يؤدى عنه من ماله جميع كتابته، وجعل كأنه قد مات حرا، ويرثه جميع ولده، وسواء في ذلك من كان حرا قبل موته من ولده ومن كاتب عليهم أو ولدوا