تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٠٢
وهم قوم كثير * (حذر الموت) * الجهل والانقطاع عن الحياة الحقيقية والوقوع في المهاوي الطبيعية * (فقال لهم الله موتوا) * أي: أمرهم بالموت الإرادي، أو أماتهم عن ذواتهم بالتجلي الذاتي، حتى فنوا في الوحدة * (ثم أحياهم) * بالحياة الحقيقية العلمية، أو به بالوجود الموهوب الحقاني، والبقاء بعد الفناء. ولا يبعد أن يريد به ما أراد من قصة عزير، أي: خرجوا هاربين من الموت الطبيعي فأماتهم الله * (ثم أحياهم) * بتعلق أرواحهم بأبدان من جنس أبدانهم ليحصلوا بها كمالهم.
* (وقاتلوا في سبيل الله) * النفس والشيطان على الأول والثاني. وعلى الثالث لا تخافوا من الموت في مقاتلة الأعداء، فإن الهرب منه لا ينفع كما لم ينفع أولئك.
والله يحييكم كما أحياهم * (قرضا حسنا) * هو بذل النفس بالجهاد، أو بذل المال بالإيثار * (والله يقبض ويبسط) * أي: هو مع معاملتكم في القبض والبسط، فإنكم بأوصافكم تستنزلون أوصافه. إن تبخلوا بما في أيديكم يضيق عليكم ويقتر، وإن تجودوا يوسع عليكم بحسب جودكم كما ورد في الحديث: ' تنزل المعونة على قدر المؤونة '.
للتفسير سورة البقرة من آية 246 إلى آية] 248] * (طالوت) * كان رجلا فقيرا، لا نسب له، ولا مال، فما قبلوه للملك. لأن استحقاق الملك والرياسة عند العامة إنما هو بالسعادة الخارجية التي هي المال والنسب، فنبه نبيهم على أن الاستحقاق إنما يكون بالسعادتين الأخريين: الروحانية التي هي العلم. والبدنية: التي هي زيادة القوى وشدة البنية والبسطة، بقوله: * (وزاده بسطة في العلم والجسم) * والله أعلم بمن يستحق الملك فيؤتيه * (من يشاء والله واسع) * كثير العطاء، يؤتي المال كما يؤتي الملك * (عليم) * بمن له الاستحقاق وما يحتاج إليه من المال الذي يعتضد به، فيعطيه. ثم بين أن استحقاق الملك له علامة أخرى وهي:
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»