للإكراه فيه. والدليل على أن باطن الدين وحقيقته الإيمان كما أن ظاهره وصورته الإسلام ما بعده * (قد تبين) * أي تميز * (الرشد من الغي) * بالدلائل الواضحة لمن له بصيرة وعقل، كما قيل: قد أضاء الصبح لذي عينين.
* (فمن يكفر بالطاغوت) * أي: ما سوى الله وينفي وجوده وتأثيره * (ويؤمن بالله) * إيمانا شهوديا حقيقيا * (فقد استمسك بالعروة الوثقى) * أي: تمسك بالوحدة الذاتية التي وثوقها بنفسها، فلا شيء أوثق منها، إذ كل وثيق بها موثوق، بل كل وجود بها موجود وبنفسه معدوم، فإذا اعتبر وجوده فله انفصام في نفسه لأن الممكن وثاقته ووجوده بالواجب، فإذا قطع النظر عنه فقد انقطع وجود ذلك الممكن ولم يكن في نفسه شيئا. ولا يمكن انفصامه عن وجود عين ذاته، إذ ليس فيه تجزووإثنينية، وفي الانفصام لطيفة وهو أنه انكسار بلا انفصال. ولما لم ينفصل شيء من الممكنات من ذاته تعالى، ولم يخرج منه، لأنه إما فعله وإما صفته، فلا انفصال قطعا، بل إذا اعتبره العقل بانفراده كان منفصما، أي: منقطع الوجود متعلقا وجوده بوجوده تعالى * (والله سميع) * يسمع قول كل ذوي دين * (عليم) * بنياتهم وإيمانهم.
* (الله ولي الذين آمنوا) * متولي أمورهم ومحبتهم * (يخرجهم) * من ظلمات صفات النفس وشبه الخيال والوهم، إلى نور اليقين والهدى وقصناء عالم الروح * (والذين كفروا أولياؤهم) * ما يعبدون من دون الله * (يخرجونهم) * من نور الاستعداد والهداية الفطرية إلى ظلمات صفات النفس والشكوك والشبهات.
[تفسير سورة البقرة آية 259] * (أو كالذي مر على قرية) * أي: أرأيت مثل الذي مر على قرية باد أهلها، وسقطت سقوفها، وحزت جدرانها عليها، فتعجب من إحيائها لكونه طالبا سالكا لم يصل إلى مقام اليقين بعد، ولم يستعد لقبول نور تجلي اسم المحيي والمشهور أنه كان عزير * (فأماته الله) * أي: فأبقاه على موت الجهل. كما قال: * (أمتنا اثنتين) * [غافر، الآية: 11] على قول، وقال تعالى: * (وكنتم أمواتا فأحيكم) * [البقرة، الآية: 28].
* (مائة عام) * يمكن أن يكون العام في عهدهم كان مبنيا على دور القمر، فيكون ثمانية أعوام وأربعة أشهر، وأن يكون مبنيا على فصول السنة فيكون خمسة وعشرين سنة،