تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٩٧
غفور وأنذر الصديقين بأني غفور)).
* (ومن الناس من يعجبك) * أي: يدعي المحبة وهو ألد الخصام لكونه في مقام النفس زنديقا، ولهذا قال، * (قوله في الحياة الدنيا) * إذ ليس له قول في الآخرة بالقلب * (وإذا تولى سعى في الأرض) * لإباحته وتزندقه كما ترى عليه أكثر مدعي المحبة والتوحيد * (والله لا يحب الفساد) * أي: هو مفسد ويدعي محبة الله. وكيف تتأتى له والمحب لا يفعل إلا ما يحب محبوبه، والله لا يحب ما يفعله فلا يكون صادقا في دعواه، كما قال الشاعر:
* تعصي الإله وأنت تظهر حبه * هذا قبيح بالفعال بديع * * لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع * [آية 206 - 212] * (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم) * أي: حملته الحمية النفسانية حمية الجاهلية على الإثم لجاجا وأشرا لظهور نفسه حينئذ وزعمه أنه أعلم بما يفعل من ناصحه * (فحسبه جهنم) * أي: غايته عمق حضيض رتبته التي هو فيها وظلمتها، فإن جهنم معناه: مهوى بعيد العمق مظلمة * (يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) * يبذل نفسه في سلوك سبيل الله طلبا لرضاه * (ادخلوا في السلم) * أي: في الاستسلام وتسليم الوجوه لله، إذ معاداة القوى بعضها بعضا، وعدم موافقتها في التسليم لأمر الله دليل تتبع الشيطان، وهو يريد أن تستحقوا قهر الله بارتكاب الإسرافات المذمومة لعداوته الغريزية لكم لاختلاف جبلته وجبلتكم، وقصوره عن نور فطرتكم، لكونه ناري الخلقة لا يطلب منكم إلا أن تكونوا ناريين مثله لا نورانيين، فهو عدو في الحقيقة في صورة المحب.
* (فإن زللتم) * عن مقام التسليم لأمر الله * (من بعد ما جاءتكم) * دلائل تجليات
(٩٧)
مفاتيح البحث: سبيل الله (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»