تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٩٩
* (من قبلكم مستهم) * بأساء الترك والتجريد والفقر والافتقار، وضراء المجاهدة والرياضة وكسر النفس بالعبادة * (وزلزلوا) * بدواعي الشوق والمحبة عن مقار نفوسهم ليظهروا ما في استعدادهم بالقوة * (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) * أي: حتى تضجروا من طول مدة الحجاب، وكثرة الجهاد من الفراق، وعيل صبرهم عن مشاهدة الجمال، وذوق الوصال، وطلبوا نصر الله بالتجلي على قمع صفات النفوس مع قوة مصابرتهم، وحسن تحملهم، لما يفعل المحبوب ويريد بهم من ابتلائهم بالهجران، وإذاقتهم الفرقة لاشتداد قوة المحبة، فكيف بغيرهم؟ فأجبيوا إذا بلغ جهدهم ونفذت طاقتهم وقيل لهم * (ألا إن نصر الله قريب) * أي: رفع الحجاب وظهرت آثار الجمال.
* (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
(كتب عليكم) قتال النفس والشيطان وهو مكروه لكم أمر من طعم العلقم، وأشد من ضغم الضيغم * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) * لاحتجابكم بهوى النفس وحب اللذة العاجلة عما في ضمنه من الخير الكثير، واللذة العظيمة الروحانية التي تستحقر تلك الشدة السريعة، الانقضاء بالقياس إلى ذلك الخير الباقي، واللذة السرمدية وكذا عكسه * (والله يعلم) * ما في الأمور من الخير والشر * (وأنتم لا تعلمون) * ذلك لاحتجابكم بالعاجل عن الآجل، وبالظاهر عن الباطن.
تفسير سورة البقرة من آية 217 إلى آية 245
(٩٩)
مفاتيح البحث: سورة البقرة (1)، القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»