إذعان الخلق له، ووقوع هيبته ووقاره في القلوب، وسكون قلوبهم إليه، ومحبتهم له، وقبولهم لأمره على الطاعة والانقياد. وهو الذي كان يسميه الأعاجم من قدماء الفرس ' خوره '. وما يختص بالملوك كيان خوره، ثم من بعدهم سموه ' فر ' فقالوا: كان فر للملك في أفريدون، وذهب عن كيكاؤوس فر الملك، فطلبوا من له الفر، فوجدوا للملك المبارك كيخسرو وسماه ' التابوت ' أي: ما يرجع إليه من الأمور. لأن التابوت فعلوت من التوب، أي: يأتيكم من جهته ما يرجع في ثبوت ملكه من الإذعان والطاعة والانقياد والمحبة له بإلقاء الله له ذلك في قلوبكم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
' نصرت بالرعب مسيرة شهر '. أو ما يرجع إليه من الحالة النفسانية، والهيئة الشاهدة له على صحة ملكه * (فيه سكينة من ربكم) * أي: ما تسكن قلوبكم إليه * (وبقية مما تراك آل موسى وآل هارون) * في أولادهم من المعنى المسمى ' فر ' وهو نور ملكوتي تستضيء به النفس باتصالها بالملكوت السماوية، واستفاضتها ذلك من عالم القدرة مستلزم لحصول علم السياسة وتدبير الملك والحكمة المزينة لها * (تحمله الملائكة) * أي: ينزل إليكم بتوسط الملائكة السماوية. ويمكن أنه كان صندوقا فيه طلسم من باب نصرة الجيش وغيره من الطلسمات التي تذكر أنها للملك على ما يرى من أنه كان فيه صورة لها رأس كرأس الآدمي والهر، وذنب كذنبه كالذي كان في عهد أفريدون المسمى ' درفش كاويان '.
تفسير سورة البقرة من آية 249 إلى آية 254